للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال شيخنا: قوله: "كأني أستدل به مع حديث غيره، لا أنه حجة إذا انفرد" يفيد شيئين:

أحدهما: أنه جزء حجة، لا حجة (١)، فإذا انضم إليه الحديث الآخر صار حجة، وإن لم يكن واحد منهما حجةً: فضعيفان قد يقومان مقام قوي.

الثاني: أنه لا يحتج بمثل هذا منفردًا، وهذا يقتضي أنه لا يحتج بالضعيف المنفرد، فإما أن يريد به نفي الاحتجاج مطلقًا، أو إذا لو يوجد أثبت منه.

قال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: ما تقول في حديث ربعي بن خراش؟ قال: الذي يرويه عبد العزيز بن أبي رواد؟ قلت: نعم. قال: لا، الأحاديث بخلافه، وقد رواه الحفاظ عن ربعي عن رجل لم يسموه. قال: قلت: فقد ذكرته في المسند؟ قال: قصدت في المسند المشهور وتركت الناس تحت ستر الله ولو أردت أن أفصل ما صح عندي، لم أرو من هذا المسند إلا الشيء بعد الشيء ولكنك يا بني تعرف طريقتي في الحديث، لست أخالف ما ضعف من الحديث إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه.

قال شيخنا: مراده بالحديث الذي رواه ربعي عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "قدم أعرابيان فشهدا" (٢) أو حديث: "لا تقدموا الشهر" (٣) أو غيرهما.

قال شيخنا: وعلى هذه الطريقة التي ذكرها أحمد بنى عليه أبو داود "كتاب السنن" لمن تأمله، ولعله أخذ ذلك عن أحمد، فقد بيَّن أن مثل عبد العزيز بن أبي رواد ومثل الذي فيه رجل لم يسم: يعمل به إذا لم يخالفه ما هو أثبت منه.


(١) على الإطلاق.
(٢) رواه أبو داود (٢٣٣٩)، وصحَّحه الألباني في صحيح أبي داود.
(٣) رواه أبو داود (٢٣٢٦)، والترمذي (٦٨٤)، والنسائي (٢١٢٦)، وأحمد (٩٦٥٤)، وصحَّحه الألباني في صحيح أبي داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>