للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الماذيانات (١) وَالْجَدَاوِلُ وَشَيْءٌ مِنَ التِّبْنِ، فَرُبَّمَا غَلَّ هَذَا وَلَمْ يَغُلَّ هَذَا، فَنَهَى أَنْ يُعَيّنَ الْمَالِكُ زَرْعَ بُقْعَةٍ بِعَيْنِهَا، كَمَا نَهَى فِي الْمُضَارَبَةِ أَنْ يُعَيِّنَ الْعَامِلُ مِقْدَارًا مِنَ الرِّبْحِ وَرِبْحَ ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُبْطِلُ الْعَدْلَ فِي الْمُشَارَكَةِ.

وَأَمَّا الْعِبَادَاتُ فَإِنَّ أَصْلَ الدِّينِ أَنَّه لَا حَرَامَ إلَّا مَا حَرَّمَهُ اللهُ وَلَا دِينَ إلَّا مَا شَرَعَهُ اللهُ.

إذَا عُرِفَ هَذَا فَأَهْلُ الْمَدِينَةِ أَعْظَمُ النَّاسِ اعْتِصَامًا بِهَذَا الْأَصْلِ؛ فَإِنَّهُم أَشَدُّ أَهْلِ الْمَدَائِنِ الْإِسْلَامِيَّةِ كَرَاهِيَةً لِلْبِدَعِ.

وَأَمَّا الدِّينُ فَهُم أَشَدُّ أَهْلِ الْمَدَائِنِ اتِّبَاعًا لِلْعِبَادَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَأَبْعَدُهُم عَنِ الْعِبَادَاتِ الْبِدْعِيَّةِ.

وَأَمَّا الْمُنَاكَحُ فَلَا رَيْبَ أَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي بُطْلَانِ نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ وَنكاحِ الشِّغَارِ أَتْبَعُ لِلسُّنَّةِ مِمَن لَمْ يُبْطِلْ ذَلِكَ مِن أَهْلِ الْعِرَاقِ.

فَإِنَّ مِن أُصُولِهِمْ: أَنَّ القُصُودَ فِي الْعُقُودِ مُعْتَبَرَةٌ، كَمَا يَجْعَلُونَ الشَّرْطَ الْمُتَقَدِّمَ كَالشَّرْطِ الْمُقَارَنِ، وَيَجْعَلُونَ الشَّرْطَ الْعُرْفِيَّ كَالشَّرْطِ اللَّفْظِيِّ.

وَلِأَجْلِ هَذِهِ الْأصُولِ أَبْطَلُوا نِكَاحَ الْمُحَلِّلِ، وَخُلْعَ الْيَمِينِ الَّذِي يُفْعَلُ حِيلَةً لِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَأَبْطَلُوا الْحِيَلَ الَّتِي يُسْتَحَلَّ بِهَا الرِّبَا وَأَمْثَالَ ذَلِكَ.

وَكَذَلِكَ نِكَاحُ الْحَامِلِ أَو الْمُعْتَدَّةِ مِنَ الزنى بَاطِلٌ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَهُوَ أَشْبَهُ بِالْآثَارِ وَالْقِيَاسِ لِئَلَّا يَخْتَلِطَ الْمَاءُ الْحَلَالُ بِالْحَرَامِ.

وَمَسْألَةُ الرَّجْعَةِ بِالْفِعْلِ كَمَا إذَا طَلَّقَهَا: فَهَل يَكُونُ الْوَطْءُ رَجْعَةً؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:

أَحَدُهَاْ يَكُونُ رَجْعَة كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَالثَّانِي: لَا يَكُونُ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ.


(١) جَمْعُ الْمَاذِيَانِ، وَهُوَ أَصْغَرُ مِنَ النَّهْرِ وَأعْظَمُ مِنَ الْجَدْوَلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>