وَفِي الْجُمْلَةِ: مَن تَدَبَّرَ الْآثَارَ الْمَنْقُولَةَ عَلِمَ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ مَكَّةَ فُتِحَتْ عَنْوَة، وَمَعَ هَذَا فَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يُقَسِّمْ أَرْضَهَا، كَمَا لَمْ يَسْتَرِقّ رِجَالَهَا، فَفَتَحَ خَيْبَرَ عَنْوَةً وَقَسَمَهَا، وَفَتَحَ مَكَّةَ عَنْوَةً وَلَمْ يَقْسِمْهَا، فَعُلِمَ جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ. [٢٠/ ٥٧٣ - ٥٧٥]
١٨٧٥ - تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ مِن أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِمْ فِي إجْمَاعِ الْخُلَفَاءِ، وَفِي إجْمَاعِ الْعِتْرَةِ: هَل هُوَ حُجَّةٌ يَجِبُ اتِّبَاعُهَا؟ وَالصَّحِيحُ أَنَّ كِلَيْهِمَا حُجَّة. [٢٨/ ٤٩٣]
وَكَذَلِكَ إجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ فِي زَمَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ هُوَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ.
١٨٧٦ - إنَّ ترك الإيجاب والتحريم مع الحاجة إلى بيانه أو مع المقتضي له: يدل على انتفائه. [المستدرك ٢/ ١٧٥]
١٨٧٧ - اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْعُمُومِ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ تَخْصِيصُهُ، أَو عُلِمَ تَخْصِيصُ صُوَرٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْهُ: هَل يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ قَبْلَ الْبَحْثِ عَن الْمخَصّصِ الْمُعَارِضِ لَهُ؟
اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرُهُمَا، وَذَكَرُوا عَن أَحْمَد فِيهِ رِوَايَتَيْنِ، وَأَكْثَرُ نُصُوصِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَهْلِ زَمَانِهِ وَنَحْوِهِم اسْتِعْمَالُ ظَوَاهِرِ الْكِتَابِ قَبْلَ الْبَحْثِ عَمَّا يُفَسِّرُهَا مِن السُّنَّةِ وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ؛ فَإِنَّ الظَّاهِرَ الَّذِي لَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّن انْتِفَاءُ مَا يُعَارِضُهُ: لَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مُقْتَضَاهُ.
فَإِذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ انْتِفَاءُ مُعَارِضِهِ: غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ مُقْتَضَاه.
وَهَذِهِ الْغَلَبَةُ لَا تَحْصُلُ لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي أَكْثَرِ العمومات إلا بَعْدَ الْبَحْثِ عَن الْمُعَارِضِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute