للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِنَّمَا نَعْرِفُ النِّزَاعَ فِي الْحَلِفِ بِالْأَنْبِيَاءِ، فَعَن أحْمَدَ فِي الْحَلِفِ بِالنَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- رِوَايَتَانِ:

إحْدَاهُمَا: لَا يَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِهِ كَقَوْلِ الْجُمْهُورِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَافِعِيِّ.

وَالثانِيَة: يَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِهِ.

وَقَصَرَ أَكْثَرُ هَؤُلَاءِ النِّزَاعَ فِي ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- خَاصَّةً، وَعَدَّى ابْنُ عَقِيلٍ هَذَا الْحُكْمَ إلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ.

وَإِيجَابُ الْكَفَّارَةِ بِالْحَلِفِ بِمَخْلُوقِ وَإِن كَانَ نَبِيًّا: قَوْلٌ ضَعِيفٌ فِي الْغَايَةِ مُخَالِفٌ لِلْأصُولِ وَالنُّصُوصِ. [١/ ٢٠١ - ٢٠٤]

٢٠٥ - الَّذِي قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأصْحَابُهُ وَغَيْرُهُم مِن الْعُلَمَاءِ -مِن أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْأَلَ اللهُ تَعَالَى بِمَخْلُوق: لَا بِحَقِّ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ- يَتَضَمَّنُ شَيْئَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ:

أَحَدُهُمَا: الْإِقْسَامُ عَلَى اللهِ سبحانه وتعالى بِهِ، وَهَذَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ، كَمَا يُنْهَى أنْ يُقْسَمَ عَلَى اللهِ بِالْكَعْبَةِ وَالْمَشَاعِرِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.

والثَّانِي: السُّؤَالُ بِهِ، فَهَذَا يُجَوِّزهُ طَائِفَةٌ مِن النَّاسِ، وَنُقِلَ فِي ذَلِكَ آثَارٌ عَن بَعْضِ السَّلَفِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي دُعَاءِ كَثِيرٍ مِن النَّاسِ، لَكِنْ مَا رُوِيَ عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي ذَلِكَ كُلُّهُ ضَعِيفٌ بَل مَوْضُوعٌ، وَلَيْسَ عَنْهُ حَدِيثٌ ثَابِتٌ قَد يُظَنُّ أَنَّ لَهُم فِيهِ حُجَّةً إلَّا حَدِيثَ الْأَعْمَى الَّذِي عَلَّمَهُ أَنْ يَقُولَ: "أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إلَيْك بِنَبِيِّك مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ" (١)، وَحَدِيثُ الْأعْمَى لَا حُجَّةَ لَهُم فِيهِ؛ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إنَّمَا تَوَسَّلَ بِدُعَاءِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَشَفَاعَتِهِ، وَهُوَ طَلَبَ مِن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- الدُّعَاءَ، وَقَد أَمَرَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَقُولَ: "اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ"؛ وَلهَذَا رَدَّ اللّهُ عَلَيْهِ بَصَرَة لَمَّا دَعَا لَهُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُعَدُّ مِن آيَاتِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-.


(١) رواه الترمذي (٣٥٧٨)، وأحمد (١٧٢٤٠)، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.

<<  <  ج: ص:  >  >>