للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَثيرًا مَا يَتَوَلَّى الرَّجُلُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالتَّتَارِ قَاضِيًا بَل وَإِمَامًا، وَفِي نَفْسِهِ أُمُورٌ مِنَ الْعَدْلِ يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا فَلَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ؛ بَل هُنَاكَ مَن يَمْنَعُهُ ذَلِكَ، وَلَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا (١). [١٩/ ٢١٦ - ٢١٨]

٢٠٢٧ - الصَّوَابُ: أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ إلَّا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنَ الْعِلْمِ، وَأَنَّهُ لَا يَقْضِي مَا لَمْ يَعْلَمْ وُجُوبَهُ، فَقَد ثَبَتَ فِي الصحِيح أَنَّ مِنَ الصَّحَابَةِ مَن أَكَلَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فِي رَمَضَانَ حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأسْوَدِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُم النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِالْقَضَاءِ، وَمِنْهُم مَن كَانَ يَمْكُثُ جُنُبًا مُدَّةً لَا يُصَلِّي وَلَمْ يَكُن يَعْلَمُ جَوَازَ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ؛ كَأَبِي ذَرٍّ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَمَّارٍ لَمَّا أَجْنَبَ، وَلَمْ يَأْمُر النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَحَدًا مِنْهُم بِالْقَضَاءِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ خَلْقًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِمَكَّةَ وَالْبَوَادِي صَارُوا يُصَلُّونَ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ حَتَّى بَلَغَهُم النَّسْخَ وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِالْإِعَادَة، وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ. [١٩/ ٢٢٦ - ٢٢٧]

٢٠٢٨ - اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ حُكمَ الْحَاكِمِ الْعَادِلِ إذَا خَالَفَ نَصًّا أَو إجْمَاعًا لَمْ يَعْلَمْهُ فَهُوَ مَنْقُوضٌ. [٣١/ ٣٩]

٢٠٢٩ - الْخَطَأُ الْمَغْفُورُ فِي الِاجْتِهَادِ هُوَ فِي نَوْعَيْ الْمَسَائِلِ الْخَبَرِيَّةِ وَالْعِلْمِيَّةِ؛ كَمَنِ اعْتَقَدَ ثُبُوتَ شَيْءٍ لِدَلَالَةِ آيَةٍ أَو حَدِيثٍ وَكَانَ لِذَلِكَ مَا يُعَارِضُهُ وَيُبَيِّنُ الْمُرَادَ وَلَمْ يَعْرِفْة: مِثْل:

أ- مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ اللهَ لَا يُرَى؛ لِقَوْلِهِ: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: ١٠٣]، وَلقَوْلِهِ: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: ٥١]، كَمَا احْتَجَّتْ عَائِشَةُ بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ عَلَى انْتِفَاءِ الرُّؤَيةِ فِي حَقِّ النَّبِيِّ وَإِنَّمَا يَدُلَّانِ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ.


(١) والشَّرِيعَةُ مَبْنَاهَا عَلَى تَحْصِيلِ الْمَصَالِح وَتَكْمِيلِهَا، وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا، وَالْعاقل الحكيم من يُرجح خَيْر الْخَيْرَينِ بِتَفْوِيتِ أَدْنَاهُمَا، وَيدْفع شَرّ الشَّرَّيْنِ وَإِن حَصَلَ أدْنَاهُمَا.
ورحم الله شيخ الإسلام، فقد أوقفنا على سماحة الدين، وغيَّر أخلاق وطِباع كثيرٍ ممن قرأ له، ونفَّرهم من التشدد الفقهي والأخلاقي، وأخذ بيدهم إلى الرفق بالناس، وتحبيب الدين لهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>