أَحَدُهُمَا: الرَّدُّ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى تَفْصِيل عَنْهُ، وَالرَّدُّ مُطْلَقًا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَوْقُوفٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ، وَهَذَا فِي النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَد أَنَّ الْمُتَصَرِّفَ إذَا كَانَ مَعْذُورًا لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنَ الِاسْتِئْذَانِ وَحَاجَتِهِ إلَى التَّصَرُّفِ وُقِفَ عَلَى الْإِجَازَةِ بِلَا نِزَاعٍ، وَإِن أَمْكَنَهُ الِاسْتِئْذَانُ أَو لَمْ يَكُن بِهِ حَاجَةٌ إلَى التَّصَرُّفِ فَفِيهِ النِّزَاعُ.
فَيَكُونُ الْقَادِمُ مُخَيَّرًا بَيْنَ إجَازَةِ مَا فَعَلَهُ الْإِمَامُ وَرَدِّهِ، وَإِذَا أَجَازَهُ فَقَد أَخْرَجَ الْبُضْعَ عَن مِلْكِهِ.
وَخُرُوجُ الْبُضْعِ مِن مِلْكِ الزَّوْجِ مُتَقَوَّمٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي أَنَصِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ، وَهُوَ مَضْمُونٌ بِالْمُسَمَّى كَمَا يَقُولُهُ مَالِكٌ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ، وَالشَّافِعِيُّ يَقُولُ: هُوَ مَضْمُونٌ بِمَهْرِ الْمِثْلِ.
وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ دَلَّا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، فَفِي سُورَةِ الْمُمْتَحِنَةِ فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: ١٠] وَقَوْلِهِ: {فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: ١١].
وَهَذَا الْمسَمَّى دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَكَذَلِكَ أَمَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- زَوْجَ الْمُخْتَلعَةِ أَنْ يَأْخُذَ مَا أَعْطَاهَا، وَلَمْ يَأْمُرْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَهُوَ إنَّمَا يَأْمُرُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الْمُطْلَقَةِ بِالْعَدْلِ.
فَقِصَّةُ عُمَرَ تَنْبَنِي عَلَى هَذَا.
وَالْقَوْلُ بِوَقْفِ الْعُقُودِ عِنْدَ الْحَاجَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ.
وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إضْرَارًا أَصْلًا؛ بَل صَلَاحٌ بِلَا فَسَادٍ، فَإِنَّ الرَّجُلَ قَد يَرَى أَنْ يَشْتَرِيَ لِغَيْرِهِ أَو يَبِيعَ لَهُ أَو يَسْتَأْجِرَ لَهُ أَو يُوجِبَ لَهُ ثُمَّ يُشَاوِرَهُ، فَإِنْ رَضِيَ وَإِلَّا فَلَمْ يُصِبْهُ مَا يَضُرُّهُ، وَكَذَلِكَ فِي تَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَأَمَّا مَعَ الْحَاجَةِ فَالْقَوْلُ بِهِ لَا بُدَّ مِنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute