للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرَّابعُ: التَّفَرُّقُ وَالِاخْتِلَافُ الْمُخَالِفُ لِلِاجْتِمَاعِ والائتلاف، حَتَّى يَصِيرَ بَعْضُهُم يُبْغِضُ بَعْضًا وَيُعَادِيهِ، وَيُحِبُّ بَعْضًا وَيُوَالِيهِ عَلَى غَيْرِ ذَاتِ اللهِ، وَحَتَّى يُفْضِيَ الْأَمْرُ بِبَعْضِهِمْ إلَى الطَّعْنِ وَاللَّعْنِ وَالْهَمْزِ وَاللَّمْزِ (١)، وَبِبَعْضِهِمْ إلَى الِاقْتِتَالِ بِالْأَيْدِي وَالسِّلَاحِ (٢)، وَبِبَعْضِهِمْ إلَى الْمُهَاجَرَةِ وَالْمُقَاطَعَةِ حَتَّى لَا يُصَلِّيَ بَعْضُهُم خَلْفَ بَعْضٍ.

وَهَذَا كُلُّهُ مِن أَعْظَمِ الْأمُورِ الَّتِي حَرَّمَهَا اللهُ وَرَسُولُهُ (٣).

وَالِاجْتِمَاعُ والائتلاف مِن أَعْظَمِ الْأُمُورِ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللهُ وَرَسُولُهُ.

وَكَثِيرٌ مِن هَؤُلَاءِ (٤) يَصِيرُ مِن أَهْلِ الْبِدْعَةِ بِخُرُوجِهِ مِنَ السُّنَّةِ الَّتِي شَرَعَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِأمَّتِهِ، وَمِن أَهْلِ الْفُرْقَةِ بِالْفُرْقَةِ الْمُخَالِفَةِ لِلْجَمَاعَةِ الَّتِي أَمَرَ اللهُ بِهَا وَرَسُولُهُ (٥)، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام: ١٥٩].


(١) كما هو حال كثير من العوام المنتصرين لبعض المشايخ، وحال كثير من المدعين للعلم والذين بغوا على المخالفين لهم، وحال بعض طلاب العلم الذين فيهم غلظة وجفاء تجاه المخالفين لهم من طلاب العلم وغيرهم.
(٢) كما هو حال الخوارج.
(٣) والعجب أنها مع عظم فسادِها، وصريح الأدلة الدالة على تحريمها، إلا أنّ كثيرًا من الناس لا يُبالون بها، ويتساهلون في ارتكابها؛ بمسميات عدة، إما باسم الغيرة على الدين، أو باسم الردِّ على المخالفين، أو باسم التحذير من الدعاة أو المشايخ المنحرفين -بزعمهم-. والله المستعان.
(٤) أي؛ من الْمُتَفَقهَةِ وَالْمُتَعَبِّدَةِ! الذين هم من أهل السُّنَة والجماعة!.
(٥) كلام عظيم! من هذا الإمام الحبر العارف العالم.
فاحذر أن تكون من أهل البدع بخروجك عن السُّنَّة التي أَمرت بالائتلاف والمحبة والمودة، واحذر أن تكون من أهل الفرقة ببثّ الفرقة، والخلافات وسبِّ الدعاة والمشايخ والمصلحين، واعلم أن السلامة لا يعدلها شيء.
قال الشيخ في موضع آخر: الْوَاجِبُ أمْرُ الْعَامَّةِ بِالْجُمَلِ الثَّابِتَةِ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، وَمَنْعُهُم مِنَ الْخَوْضِ فِي التَّفْصِيلِ الَّذِي يُوقِعُ بَيْنَهُم الْفُرْقَةَ وَالِاخْتِلَافَ، فَإنَّ الْفُرْقَةَ وَالِاخْتِلَافَ مِن أَعْظَمِ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ. اهـ. (١٢/ ٢٣٧)
واعلم أنّ اتباع السُّنَّة ومنهج السلف الصالح يكون بالاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والسلف=

<<  <  ج: ص:  >  >>