٢١٦٤ - مِن النَّاسِ مَن يَسْأَلُ اللهَ جَلْبَ الْمَنْفَعَةِ لَهُ وَدَفْعَ الْمَضَرَّةِ عَنْهُ طَبْعًا وَعَادَةً، لَا شَرْعًا وَعِبَادَةً، فَلَيْسَ مِن الْمَشْرُوعِ أَنْ أَدَعَ الدُّعَاءَ مُطْلَقًا لِتَقْصِيرِ هَذَا وَتَفْرِيطِهِ؛ بَل أَفْعَلُهُ أَنَا شَرْعًا وَعِبَادَةً.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي يَفْعَلُهُ شَرْعًا وَعِبَادَةً إنَّمَا يَسْعَى فِي مَصْلَحَةِ نَفْسِهِ وَطَلَبِ حُظُوظِهِ الْمَحْمُودَةِ، فَهُوَ يَطْلُبُ مَصْلَحَةَ دنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ، بِخِلَافِ الَّذِي يَفْعَلُهُ طَبْعًا فَإِنَّهُ إنَّمَا يَطْلُبُ مَصْلَحَةَ دُنْيَاهُ فَقَطْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (٢٠٠) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (٢٠١) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (٢٠٢)} [البقرة: ٢٠٠ - ٢٠٢]. [١٠/ ٧١٦ - ٧١٧]
٢١٦٥ - الصَّلَاةُ تَضَمَّنَتْ شَيْئَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: نَهْيُهَا عَن الذُّنُوبِ.
الثَّانِي: تَضَمُّنُهَا ذِكْرِ اللهِ، وَهُوَ أَكْبَرُ الْأَمْرَيْنِ، فَمَا فِيهَا مِن ذِكْرِ اللهِ أَكْبَرُ مِن كَوْنِهَا نَاهِيَةً عَن الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكِرِ. [١٠/ ٧٥٣]
٢١٦٦ - دِينُ الْإِسْلَامِ هُوَ دِينُ الْأَوَّلينَ والآخرين مِن النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، وقَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: ٨٥] عَامٌّ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ.
فَنُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ ويعْقُوبُ وَالْأَسْبَاطُ وَمُوسَى وَعِيسَى وَالْحَوَارِيُّونَ كُلُّهُم دِينُهُم الْإِسْلَامُ، الَّذِي هُوَ عِبَادَة اللهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. [١١/ ٢١٩]
٢١٦٧ - وَأَمَّا قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "لَهُم أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكمْ؛ لِأَنَّكُمْ تَجِدُونَ عَلَى الْخَيْرِ أَعْوَانًا وَلَا يَجِدُونَ عَلَى الْخَيْرِ أَعْوَانًا" (١) فَهَذَا صَحِيحٌ إذَا عَمِلَ الْوَاحِدُ مِن الْمُتَأَخِّرِينَ مِثْل عَمَلٍ عَمِلَهُ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ كَانَ لَهُ أَجْرُ خَمْسِينَ، لَكِنْ لَا يُتَصَوَّرُ
(١) رواه الترمذي (٣٠٥٨)، وابن ماجه (٤٠١٤)، وأبو داود (٤٣٤١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute