وَأَمَّا مُجَرَّدُ تَعْذِيبِ النَّفْسِ وَالْبَدَنِ مِن غَيْرِ مَنْفَعَةٍ رَاجِحَةٍ فَلَيْسَ هَذَا مَشْرُوعًا لنا؛ بَل أَمَرَنَا اللهُ بِمَا يَنْفَعُنَا وَنَهَانَا عَمَّا يَضُّرنَا. [٢٢/ ٣١٣ - ٣١٤]
٢١٩٠ - مَعْلُومٌ أَنَّ الصَّلَاةَ "أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ" كَمَا فِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَن ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: قُلْت لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إلَى اللهِ؟ قَالَ: "الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا".
وَثَبَتَ أَيْضًا فِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنْهُ أَنَّهُ جَعَلَ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ إيمَانٌ بِاللهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ ثُمَّ الْحَجُّ الْمَبْرُورُ.
وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا؛ فَإِنَّ الصَّلَاةَ دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ بِاللهِ، كَمَا دَخَلَتْ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: ١٤٣] قَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَغَيْرُهُ مِن السَّلَفِ: أَيْ: صَلَاتُكُمْ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ.
وَلهَذَا كَانَت الصَّلَاةُ كَالْإِيمَانِ لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ بِحَال، فَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَن أَحَدٍ الْفَرْضَ لَا لِعُذْر وَلَا لِغَيْرِ عُذْرٍ، كَمَا لَا يُؤْمِنُ أَحَدٌ عَنْهُ وَلَا تَسْقُطُ بِحَال كَمَا لَا يَسْقُطُ الْإِيمَان؛ بَل عَلَيْهِ الصَّلَاةُ مَا دَامَ عَقْلُهُ حَاضِرًا وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِن فِعْل بَعْضِ أَفْعَالِهَا، فَإِذَا عَجَزَ عَن جَمِيعِ الْأَفْعَالِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْأَقْوَالِ فَهَل يُصَلِّي بِتَحْرِيكِ طَرْفِهِ وَيَسْتَحْضِرُ الْأَفْعَالَ بِقَلْبِهِ؟
فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ، وإِن كَانَ الْأَظْهَرُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ. [١٠/ ٤٣٩ - ٤٤٠]
٢١٩١ - الْأَفْضَلُ يَتَنَوَّعُ بِتَنَوُّعِ أَحْوَالِ النَّاسِ، فَمِن الْأَعْمَالِ مَا يَكُونُ جِنْسُهُ أَفْضلَ، ثُمَّ يَكُونُ تَارَةً مَرْجُوحًا أَو مَنْهِيًّا عَنْهُ؛ كَالصَّلَاةِ، فَإِنَّهَا أَفْضَلُ مِن قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِن الذِّكْرِ، وَالذِّكْرُ أَفْضَلُ مِن الدُّعَاءِ، ثُمَّ الصَّلَاةُ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ -كَمَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ وَوَقْتِ الْخُطْبَةِ- مَنْهِيٌّ عَنْهَا، وَالِاشْتِغَالُ حِينَئِذٍ إمَّا بِقِرَاءَةٍ أَو ذِكْرٍ أَو دُعَاءٍ أَو اسْتِمَاعٍ أَفْضَلُ مِن ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِن الذِّكْرِ، ثُمَّ الذِّكْرُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ هُوَ الْمَشْرُوعُ دُونَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. [٢٢/ ٣٠٨ - ٣٠٩]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute