للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَلَيْسَ فِي الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ مَا يُوجِبُ تَنْجِيسَهُ، فَإِنَ الَّذِينَ يَقُوُلونَ: إنَّ الْمَاءَ الْجَارِيَ كَالدَّائِمِ تُعْتَبَرُ فِيهِ الْقُلَّتَانِ، فَإِذَا كَانَت الْجَرْيَةُ أَقَلَّ مِن قُلَّتَيْنِ نَجَّسَتْهُ .. فَإِنَّهُ لَا حُجَّةَ لَهُم فِي هَذَا، وَلَا أَثَرَ عَن أَحَدٍ مِن السَّلَفِ، إلَّا التَّمَسُّكُ بِقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ" (١)، وَقِيَاسُ الْجَارِي عَلَى الدَّائِمِ، وَكِلَاهُمَا لَا حُجَّةَ فِيهِ.

أَمَّا الْحَدِيثُ فَمَنْطُوُقهُ لَا حُجَّةَ فِيهِ (٢).

وَالْفَرْقُ أَنَّ الْجَارِيَ لَهُ قُوَّةُ دَفْعِ النَّجَاسَةِ عَن غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ إذَا صُبَّ عَلَى الْأَرْضِ النَّجِسَةِ طَهَّرَهَا وَلَمْ يَتَنَجَّسْ، فَكَيْفَ لَا يَدْفَعُهَا عَن نَفْسِهِ؟ وَلِأَنَّ الْمَاءَ الْجَارِيَ يُحِيلُ النَّجَاسَةَ بِجَرَيَانِهِ. [٢١/ ٣٢٦ - ٣٢٧]

٢٢١٧ - الْمَاءُ إذَا تَغَيَّرَ بِالنَّجَاسَاتِ فَإِنَّهُ يَنْجُسُ بِالِاتِّفَاقِ.

وَأَمَّا مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ فَفِيهِ أَقْوَالٌ مَعْرُوفَةٌ:

أَحَدُهَا: لَا يَنْجُسُ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.

وَهو الصَّوَابُ، وَأَنَّهُ متى عُلِمَ أَنَّ النَّجَاسَةَ قَدِ اسْتَحَالَتْ فَالْمَاءُ طَاهِرٌ، سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَو كَثِيرًا، وَكَذَلِكَ فِي الْمَائِعَاتِ كُلِّهَا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَبَاحَ الطَّيِّبَاتِ وَحَرَّمَ الْخَبَائِثِ، وَالْخَبِيثُ مُتَمَيِّزٌ عَنِ الطَّيِّبِ بِصِفَاتِهِ، فَإِذَا كَانَت صِفَاتُ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ صِفَاتِ الطَّيِّبِ دُونَ الْخَبِيثِ: وَجَبَ دُخُولُهُ فِي الْحَلَالِ دُونَ الْحَرَامِ.

وَأَمَّا إذَا تَغَيَّرَ بِالنَّجَاسَةِ فَإِنَّمَا حُرِّمَ اسْتِعْمَالُهُ؛ لِأَنَّ جِرْمَ النَّجَاسَةِ بَاقٍ، فَفِي اسْتِعْمَالِهِ اسْتِعْمَالُهَا بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَحَالَتِ النَّجَاسَةُ فَإِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ، وَلَيْسَ هُنَاكَ نَجَاسَةٌ قَائِمَةٌ.


(١) صحَّحه الألباني في الإرواء (١٧٢).
(٢) لأن العلماء اتفقوا على أن الماء إذا تغير بنجاسة فهو نجس ولو بلغ قلتين وأكثر.

<<  <  ج: ص:  >  >>