للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٢٩٨ - الصَّحِيحُ فِي هَذَا الْبَابِ: مَا ثَبَتَ عَن الصَّحَابَة - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِم - وَهُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَهُوَ أنَّ مَسَّ الْمُصْحَفِ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ صَلَاةُ جِنَازَةٍ، وَيجُوزُ لَهُ سُجُودُ التِّلَاوَةِ، فَهَذِهِ الثَّلَاثَة ثَابِتَةٌ عَن الصَّحَابَةِ.

وَأَمَّا الطَّوَافُ فَلَا أَعْرِفُ السَّاعَةَ فِيهِ نَقْلًا خَاصًّا عَن الصَّحَابَةِ، لَكِنْ إذَا جَازَ سُجُودُ التِّلَاوَةِ مَعَ الْحَدَثِ؛ فَالطَّوَافُ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ مَن قَالَهُ مِن التَّابِعِينَ.

وَالْمَأْثُورُ عَن الصَّحَابَةِ وَهُوَ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ النُّصُوصُ وَالْقِيَاسُ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْجِنَازَةِ وَالسُّجُودِ الْمُجَرَّدِ: سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَد ثَبَتَ بِالنَّصِّ لَا صَلَاةَ إلَّا بِطُهُورٍ.

وَاَلَّذِينَ أَوْجَبُوا الْوُضُوءَ لِلطَّوَافِ لَيْسَ مَعَهُم حُجَّةٌ أَصْلًا، فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- لَا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَا ضَعِيفٍ أَنَّهُ أَمَرَ بِالْوُضُوءِ لِلطَّوَافِ، مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ قَد حَجَّ مَعَهُ خَلَائِقُ عَظِيمَةٌ، وَقَد اعْتَمَرَ عُمَرًا مُتَعَدِّدَةً، وَالنَّاسُ يَعْتَمِرُونَ مَعَهُ، فَلَو كَانَ الْوُضُوءُ فَرض لِلطَّوَافِ لَبَيَّنَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بَيَانًا عَامًّا، وَلَو بَيَّنَهُ لنقَلَ ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ عَنْهُ وَلَمْ يُهْمِلُوهُ.

وَقَد ثَبَتَ عَنْه فِي "الصَّحِيحِ" (١) أَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ مِن الْخَلَاءِ وَأَكَلَ وَهُوَ مُحْدِثٌ قِيلَ لَهُ: أَلَا تَتَوَضَّأُ؟ قَالَ: "مَا أَرَدْت صَلَاةً فَأَتَوَضَّأَ" (٢). يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ إلَّا إذَا أَرَادَ صَلَاةً، وَأَنَّ وُضوءَهُ لِمَا سِوَى ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ لَيْسَ بِوَاجِب (٣). [٢١/ ٢٧٠ - ٢٧٤]


(١) رواه مسلم (٣٧٤).
(٢) وفي رواية: "لِمَ؟ أَلِلصَّلاةِ؟ ".
(٣) وقد يُقال: بأن ذلك يشمل حتى مسّ المصحف؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يذكر إلا الصلاة، وقد أُعطي جوامع الكلم، فلو كان غيرها يُوجب الوضوء لذكره.
ولا يُقال: إنه لا يحتاج إلى مسّ المصحف لاستغنائه بحفظه عن مسّه، وهو أيضًا لا يَقرأ ولا يكتب.
فيُقال: إنّ مسّ المصحف لا يعني أنه سيقرأ منه، ولكن قد يحتاج إلى مناولته ونحو ذلك.
ويُقال أيضًا: إنّه يعلم أنّ السائل والسامع والمنقول إليه سيعتقد أنّ تحتم الوضوءِ خاصٌّ =

<<  <  ج: ص:  >  >>