للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ؛ بَل دَلَّتْ عَلَى الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالسُّنَنِ الْمُتَوَاتِرَةِ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ وجُوبُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمُصَلِّي.

وَمَن كَانَ عَلَى وُضُوءٍ فَهُوَ عَلَى طُهُورٍ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى الْوُضُوءِ مَن كَانَ مُحْدِثًا.

قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} الآيَةَ [المائدة: ٦]: هَذَا مِمَّا أَشْكَلَ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ.

فَقَالَ طَائِفَةٌ مِن النَّاسِ: "أَو" بِمَعْنَى الْوَاوِ وَجَعَلُوا التَّقْدِيرَ: وَجَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِن الْغَائِطِ. وَلَامَسْتُمْ النِّسَاءَ .. وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَعْنَى الْآيَةِ؛ فَإِنَّ "أَو" ضِدُّ الْوَاوِ، وَالْوَاوُ: لِلْجَمْعِ وَالتَّشْرِيكِ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ.

فَالْمَعْنَى: يَا أَيُّهَا الْقَائِمُ إلَى الصَّلَاةِ تَوَضَّأْ، وَإِن كُنْت جُنُبًا فَاغْتَسِلْ، وَإِن كُنْت مَرِيضًا أَو مُسَافِرًا تَيَمَّمْ، أَو كُنْت مَعَ هَذَا وَهَذَا مَعَ قِيَامِك إلَى الصَّلَاةِ وَأَنْتَ مُحْدِثٌ أَو جُنُبٌ، وَمَعَ مَرَضِك وَسَفَرِك قَد جِئْت مِن الْغَائِطِ أَو لَامَسْت النِّسَاءَ: فَتَيَمَّمْ إنْ كُنْت مَعْذُورًا.

وَإِيضَاحُ هَذَا: أَنَّهُ مِن بَابِ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ الَّذِي يُخَصُّ بِالذِّكْرِ لِامْتِيَازِهِ، وَتَخْصِيصُهُ يَقْتَضِي ذَلِكَ.

قَالَ تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} وَهَذَا يَتَنَاوَلُ الْمُحْدِثِينَ.

ثُمَّ قَالَ: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}.

ثُمَّ قَالَ: {وَإِن كُنتُم} -مَعَ الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ- {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ}{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} وَهَذَا يَتَنَاوَلُ كُلَّ مُحْدِثٍ، سَوَاءٌ كَانَ قَد جَاءَ مِن الْغَائِطِ أَو لَمْ يَجِئْ؛ كَالْمُسْتَيْقِظِ مَن نَوْمِهِ، وَالْمُسْتَيْقِظِ إذَا خَرَجَتْ مِنْهُ الرِّيحُ، وَيتَنَاوَلُ كُلَّ جُنُبٍ؛ سَوَاءٌ كَانَت جَنَابَتُهُ بِاحْتِلَامٍ أَو جِمَاعٍ.

فَقَالَ: وَإِن كُنْتُمْ مُحْدِثُونَ -جُنُبٌ مَرْضَى أَو عَلَى سَفَرٍ- {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>