للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَالْوُضُوءُ أَوْلَى، بِدَلِيلِ صَلَاةِ الْخَوْفِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَحَادِيثِ سُجُودِ السَّهْوِ.

وَأَمَّا حَدِيثُ صَاحِبِ اللُّمْعَةِ الَّتِي كَانَت فِي ظَهْرِ قَدَمِهِ: فَمِثْلُ هَذَا لَا يُنْسَى، فَدَلَّ أَنَّهُ تَرَكَهَا تَفْرِيطًا.

وَالْمُوَالَاةُ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ لَا تَجِبُ؛ لِلْحَدِيثِ ائَذِي فِيهِ أَنَّهُ رَأَى فِي بَدَنِهِ مَوْضِعًا لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ فَعَصَرَ عَلَيْهِ شَعْرَهُ (١).

وَقَد يَكُونُ التَّرْتِيبُ شَرْطًا لَا يَسْقُطُ بِجَهْلٍ وَلَا نِسْيَانٍ؛ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "مَن ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا هُوَ شَاةُ لَحْمٍ" (٢).

فَالذَّبْحُ لِلْأُضْحِيَّةِ مَشْرُوطٌ بِالصَّلَاةِ قَبْلَهُ، وَأَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ - رضي الله عنه - كَانَ جَاهِلًا، فَلَمْ يَعْذُرْهُ بِالْجَهْلِ؛ بَل أَمَرَهُ بِإِعَادَةِ الذَّبْحِ.

بِخِلَافِ الَّذِينَ قَدَّمُوا فِي الْحَجّ الذَّبْحَ عَلَى الرَّمْيِ، أَو الْحَلْقَ عَلَى مَا قَبْلَهُ، فَإِنَّهُ قَالَ: "افْعَلْ وَلَا حَرَجَ" فَهَاتَانِ سُنَّتَانِ:


(١) اختلف أهل العلم في حكم الموالاة في الغسل، على قولين:
القول الأول: لا تجب الموالاة في الغُسل، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والشافعية، والحنابلة.
واستدلوا بأدلة كثيرة منها قول إبراهيم النخعي: "كان أحدهم يغسل رأسه من الجنابة بالسدر، ثم يمكث ساعة، ثم يغسل سائر جسده".
وإبراهيم تابعيٌّ أدرك صغار الصحابة - رضي الله عنهم -، وأدرك أكابر التابعين من أصحاب ابن مسعود - رضي الله عنه -، وقد حكاه عمن أدركهم.
القول الثاني: تجب الموالاة في الغُسل، وهذا مذهب المالكيَّة، واختاره العلَّامة ابن عثيمين رحمه الله.
واستدلوا بأنَّ الغُسل عبادة واحدة؛ فلزم أن ينبني بعضُه على بعض بالموالاة.
وهذا في حال الاختيار، لكن في حال الجهل أو النسيان فتسقط الموالاة على ما قرره الشيخ رحمه الله.
(٢) البخاري (٥٥٤٥)، ومسلم (١٩٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>