للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَنْطُوقُهُ: إبَاحَةُ الْمَسْحِ هَذِهِ الْمُدَّةَ، وَالْمَفْهُومُ لَا عُمُومَ لَهُ؛ بَل يَكْفِي أَنْ لَا يَكُونَ الْمَسْكُوتُ كَالْمَنْطُوقِ، فَإِذَا خَالَفَهُ فِي صُورَةٍ حَصَلَتِ الْمُخَالَفَةُ، فَإِذَا كَانَ فِيمَا سِوَى هَذ الْمُدَّةِ لَا يُبَاحُ مُطْلَقًا بَل يُحْظَرُ تَارَةً وَيُبَاحُ أُخْرَى حَصَلَ الْعَمَلُ بِالْحَدِيثِ، وَهَذَا وَاضِحٌ، وَهِيَ مَسْأَلَة نَافِعَةٌ جِدًّا.

فَإِنَّهُ مَن بَاشَرَ الْأَسْفَارَ فِي الْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَالتِّجَارَةِ وَغَيْرِهَا: رَأَى أَنَّهُ فِي أَوْقَاتٍ كَثِيرَةٍ لَا يُمْكِنُ نَزْعُ الْخُفَّيْنِ وَالْوُضُوءُ إلَّا بِضَرَرٍ يُبَاحُ التَّيَمُّمُ بِدُونهِ (١). [٢١/ ٢١٥ - ٢١٧]

٢٣٢٢ - قال ابن القيم رحمه الله تعالى: [وسألوه (٢) عن الجرح يكون بالإنسان يخاف عليه كيف يمسح عليه؟ قال: -ينزع الخرقة ثم يمسح على الجرح نفسه.

قلت (٣): هذا النص خلاف المشهور عند الأصحاب، فإنهم يقولون: إذا كان مكشوفًا لم يمسح عليه حتى يستره، فمان لم يكن مستورًا تيمم له] (٤)، ونص أحمد صريح في أنه يكشف الخرقة ثم يباشر الجرح بالمسح، وهذا يدل على أنَّ مسح الجرح البارز أولى من مسح الجبيرة، وأنه خيرٌ من التيمم.

وهذا هو الصواب الذي لا ينبغي العدول عنه، وهو المحفوظ عن السلف من الصحابة والتابعين، ولا ريب أنه بمقتضى القياس؛ فإن مباشرة العضو بالمسح الذي هو بعض الغسل المأمور به أولى من مباشرة غير ذلك العضو بالتراب.


(١) هذا يدل على أنّ المفتي الذي يُخالط الناس ويُباشر الكثير من الأمور قد تتغير فتواه، وقد لا تتضح له أمورٌ وأحكامٌ شرعية إلا بذلك، فلذلك كان شيخ الإسلام من أقوى العلماء إفتاءً وعلمًا، ومن أكثرهم قبولًا عند العامة والخاصة، فقد باشر بنفسه الجهاد والحج وخَالط الحكام وناصحهم، وخالط وناظر الكثير من أصحاب الفرق والمذاهب والأديان، فهو من أخبر الناس بهم، وأعلمهم بأقوالهم.
(٢) أي: الإمام أحمد.
(٣) أي: ابن القيم.
(٤) ما بين المعقوفتين من بدائع الفوائد لابن القيّم (٤/ ٨٦٨)، وليس موجودًا في الأصل، وبه يتضح المراد.

<<  <  ج: ص:  >  >>