للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فِيهِ عِنْدَ أَحْمَد وَغَيْرِهِ .. فَإِنَّ فِي "السُّنَنِ" عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ جُنُبٌ" (١) وَهَذَا مُنَاسِبٌ لِنَهْيِهِ عَن اللُّبْثِ فِي الْمَسْجِدِ؛ فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ بُيُوتُ الْمَلَائِكَةِ، كَمَا نَهَى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَن أَكْلِ الثُّومِ وَالْبَصَلِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ، وَقَالَ: "إنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنَوْا آدَمَ" (٢).

وَلِهَذَا يُجَوِّزُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد لِلْجُنُبِ الْمُرُورَ فِي الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ قِرَاءَةِ الْقرْآنِ، فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ الْأَرْبَعَةَ مُتَّفِقُونَ عَلَى مَنْعِهِ مِن ذَلِكَ؛ فَعُلِمَ أَنَّ مَنْعَهُ مِن الْقُرْآنِ أَعْظَمُ مِن مَنْعِهِ مِن الْمَسْجِدِ.

وَقَد تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي مَنْعِ الْكُفَّارِ مِن دُخُولِ الْمَسْجِدِ، وَالْمُسْلِمُونَ خَيْرٌ مِن الْكُفَّارِ وَلَو كَانُوا جُنُبًا .. وَقَد قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: ٢٨].

فَلُبْثُ الْمُؤمِنِ الْجُنُبِ إذَا تَوَضَّأَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْلَى مَن لُبْثِ الْكافِرِ فِيهِ عِنْدَ مَن يُجَوِّزُ ذَلِكَ، وَمَن مَنَعَ الْكَافِرَ لَمْ يَجِبْ أَنْ يُمْنَعَ الْمُؤْمِنُ الْمُتَوَضِّئُ كَمَا نُقِلَ عَن الصَّحَابَةِ (٣).

وَإِذَا كَانَ الْجُنُبُ يَتَوَضَّأُ عِنْدَ النَّوْمِ وَالْمَلَائِكَةُ تَشْهَدُ جِنَازَتَهُ حِينَئِذٍ: عُلِمَ أَنَّ النَّوْمَ لَا يُبْطِلُ الطَّهَارَةَ الْحَاصِلَةَ بِذَلِكَ وَهُوَ تَخْفِيفُ الْجَنَابَةِ، وَحِينَئِذٍ، فَيَجُوزُ أَنْ


(١) النسائي (٤٢٨١)، وأحمد (٦٣٣)، وضعَّفه الألباني في تخريج مشكاة المصابيح (٤٤١).
(٢) وهذا يدل على أن النهي عن أكل الثوم والبصل خاصٌّ بمن يصلي في المسجد، وأما من صلى وحده، أو مع جماعة وقد أكلوا جميعًا منه فلا بأس، وأما إن أكل وحده فلا يجوز؛ لأنه يؤذي المصلين.
قال العلامة ابن عثيمين رَحِمَهُ اللهُ: الصحيح أنه لا يكره أن يصلي الانسانُ جماعةً وقد أكل بصلًا
أو ثومًا، إلا إذا كان يؤذي المصلين، فإذا كان يؤذي المصلين فلا يدخل معهم، أما المساجد فإِنه لا يحل له أن يحضر وقد أكل بصلًا أو ثومًا وبقيت رائحتهما فيه، فإن زالت الرائحة فلا بأس.
قال السائل: لوكانوا جميعهم قد أكلوا بصلًا؟
فأجاب الشيخ: لا بأس يصلون جماعة ولا حرج. اهـ. [لقاءات الباب المفتوح].
(٣) أنهم يلبثون في المسجد وهم على جنابةٍ إذا توضؤوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>