أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ أَو لَا يَرْفَعُهُ فَإِنَّ الشَّارعَ جَعَلَهُ طَهُورًا عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ يَقُومُ مَقَامَهُ؛ فَالْوَاجِبُ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ مِن أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ مَا يَثْبُتُ لِلْمَاءِ، مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ: قَوْلُ الْقَائِلِ: يَرْفَعُ الْحَدَثَ أَو لَا يَرْفَعُهُ لَيْسَ تَحْتَهُ نِزَاعٌ عَمَلِيٌّ، وَإِنَّمَا هُوَ نِزَاعٌ اعْتِبَارِيٌّ لَفْظِيٌّ.
وَحِينَئِذٍ فَيَكونُ طَهُورًا قَبْلَ الْوَقْتِ وَبَعْدَ الْوَقْتِ وَفِي الْوَقْتِ، كَمَا كَانَ الْمَاءُ طَهُورًا فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ، وَلَيْسَ بَيْنَ هَذَا فَرْق مُؤَثِّرٌ إلَّا إذَا قَدَرَ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَمَن أَبْطَلَهُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ فَقَد خَالَفَ مُوجِبَ الدَّلِيلِ.
وَأَمَّا ذَوُو الْأَحْدَاثِ الدَّائِمَةِ؛ كَالْمُسْتَحَاضَةِ؛ فَأُولَئِكَ وُجِدَ فِي حَقِّهِمْ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِلْحَدَثِ وَهُوَ خُرُوجُ الْخَارجِ النَّجِسِ مِن السَّبِيلَيْنِ، وَلَكِنْ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ رَخَّصَ لَهُم الشَّارعُ فِي الصَّلَاةِ مَعَهُ، فَجَازَ أَنْ تَكُونَ الرُّخْصَةُ مُؤَقَّتَةً؛ وَلِهَذَا لَو تَطَهَّرَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا شَيْءٌ لَمْ تَنْتَقِضْ طَهَارَتُهَا بِخُرُوجِ الْوَقْتِ، وَإِنَّمَا تَنْتَقِضُ إذَا خَرَجَ الْخَارجُ فِي الْوَقْتِ، فَإِنَّهَا تُصَلِّي بِهِ إلَى أَنْ يَخْرُجَ الْوَقْت، ثُمَّ لَا تُصَلِّي لِوُجُودِ النَّاقِضِ لِلطَّهَارَةِ، بِخِلَافِ الْمُتَيَمِّمِ فَإِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ بَعْدَ تيَمُّمِهِ مَا يَنْقُضُ طَهَارَتَهُ.
وَالتَّيَمُّمُ كَالْوُضُوءِ، فَلَا يُبْطِلُ تَيَمُّمَهُ إلَّا مَا يُبْطِلُ الْوُضُوءَ مَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ. [٢١/ ٣٥٢ - ٣٦٢]
٢٣٥٧ - وعنه: يجوز التيمم للفرض قبل وقته؛ فالنفل المعين أولى، واختاره الشيخ تقي الدين.
ويلزمه قبول الماء قرضًا، وكذا ثمنه، والمراد: وله ما يوفيه، وقاله شيخنا. [المستدرك ٣/ ٤٣]
٢٣٥٨ - أَصَحُّ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ: أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ مَا يَخَافُ فَوْتَهُ؛ كَالْجِنَازَةِ، وَصَلَاةِ الْعِيدِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَخَافُ فَوْتَهُ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ بِالتَّيَمُّمِ خَيْرٌ مِن تَفْوِيتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute