للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالصَّحِيحُ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ أَنَّ شَعْرَهَا طَاهِرٌ؛ إذ قَد بَيَّنَّا أَنَّ شَعْرَ الْكَلْبِ طَاهِرٌ فَشَعْرُ الْحِمَارِ أَوْلَى.

وَإِنَّمَا الشُّبْهَةُ فِي رِيقِ الْحِمَارِ: هَل يُلْحَقُ بِرِيقِ الْكَلْبِ أَو بِرِيقِ الْخَيْلِ؟

وَأَمَّا مَقَاوِدُهَا وَبَرَاذِعُهَا فَمَحْكُومٌ بِطَهَارَتهَا، وَغَايَةُ مَا فِيهَا أَنَّهُ قَد يُصِيبُهَا بَوْلُ الدَّوَابِّ وَرَوْثُهَا، وَبَوْلُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ فِيهِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، مِنْهُم مَن يَقُولُ: هُوَ طَاهِرٌ، وَمِنْهُم مَن يُنَجِّسُهُ، وَهُم الْجُمْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ.

لَكِنْ هَل يُعْفَى عَن يَسِيرِهِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ.

فَإِذَا عُفِيَ عَن يَسِيرِ بَوْلِهِ وَرَوْثِهِ كَانَ مَا يُصِيبُ الْمَقَاوِدَ وَغَيْرَهَا مَعْفُوًّا عَنْهُ، وَهَذَا مَعَ تيَقُّنِ النَّجَاسَةِ.

وَأَمَّا مَعَ الشَّكِّ فَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الطَّهَارَةُ، وَالِاحْتِيَاطُ فِي ذَلِكَ وَسْوَاسٌ؛ فَإِنَّ الرَّجُلَ إذَا أَصَابَهُ مَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا وَيجُوزُ أَنْ يَكُونُ نَجِسًا: لَمْ يُسْتَحَبَّ لَهُ التَّجَنُّبُ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَا الِاحْتِيَاطِ (١)؛ فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - مَرَّ هُوَ وَصَاحِبٌ لَهُ بِمِيزَاب فَقَطرَ عَلَى صَاحِبِهِ مِنْهُ مَاءٌ، فَقَالَ صَاحِبُهُ: يَا صَاحِبَ الْمِيزَابِ مَاؤُك طَاهِرٌ أَو نَجِسٌ؟

فَقَالَ عُمَرُ: يَا صَاحِبَ الْمِيزَابِ لَا تُخْبِرْهُ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ عَلَيْهِ. [٢١/ ٥٢١]

٢٣٨١ - ثَوْبُ الْقَصَّابِ وَبَدَنُهُ مَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهِ وَإِن كَانَ عَلَيْهِ دَسَمٌ، وَغَسْلُ الْيَدَيْنِ مِن ذَلِكَ وَسُوسَةٌ وَبِدْعَةٌ وَمَكَانُهُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ طَاهِرٌ. [٢١/ ٥٢١]


(١) أغلق شيخ الإسلام رَحِمَهُ اللهُ بابًا من أعظم وأوسع أبواب الوسواس، الذي منه تلج وساوس الشيطان والنفس إلى الناس، فمن أَصَابَهُ مَا يحتمل أنْ يَكُونَ طَاهِرًا وَيحتمل أَنْ يَكُونُ نَجِسًا: فلا يُسْتَحَبَّ لَهُ أنْ يجتنب ما أصابه بدعوى الِاحْتِيَاطِ، بل الِاحْتِيَاطُ فِي ذَلِكَ وَسْوَاسٌ، مثال ذلك: أصابه ماء من الشارع أو من دورات المياه، أو لوّث ثوبه روثٌ، وشك هل هو روث شاةٍ أو روث حمار أو بعير، فلا يلتفت إلى هذا، ولا يلزمه غسل ما أصابه إلا على سبيل التنظف.

<<  <  ج: ص:  >  >>