للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَأَمَّا الْمَعْذُورُ؛ كَاَلَّذِي يَتَيَمَّمُ لِعَدَمِ الْمَاءِ، أَو خَوْفَ الضَّرَرِ بِاسْتِعْمَالِهِ لِمَرَضٍ أو لِبَرْدٍ، وكالاستحاضة وَأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ: فَإِنَّ سُنَّةَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي هَؤُلَاءِ أَنْ يَفْعَلُوا مَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ بِحَسَبِ اسْتِطَاعَتِهِمْ، وَيسْقُطُ عَنْهُم مَا يَعْجِزُونَ عَنْه؛ بَل سُنَّتُهُ فِيمَن كَانَ لَمْ يَعْلَمِ الْوُجُوبَ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ مَشْرُوطٌ بِالتَّمَكُّنِ مِنَ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْفِعْلِ.

وَلِهَذَا لَمْ يَأْمُرْ عُمَرَ وَعَمَّارًا بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ لَمَّا كَانَا جُنُبَيْنِ، فَعُمَرُ لَمْ يُصَلِّ، وَعَمَّارٌ تَمَرَّغَ كَمَا تَتَمَرَّغُ الدَّابَّةُ؛ ظَنًّا أنَّ التُّرَابَ يَصِلُ إلَى حَيْثُ يَصِلُ الْمَاءُ، وَكَذَلِكَ الَّذِينَ أَكَلُوا مِن الصَّحَابَةِ حَتَّى تبَيَّنَ لَهُم الْحِبَالُ السُّودُ مِن الْبِيضِ لَمْ يَأْمُرْهُم بِالْإِعَادَةِ .. وَنَظَائِرُهَا مُتَعَدِّدَةٌ (١).

فَمَن اسْتَقْرَأَ مَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ تبَيَّنَ لَهُ أَنَّ التَّكْلِيفَ مَشْرُوطٌ بِالْقُدْرَةِ عَلَى الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، فَمَن كَانَ عَاجِزًا عَن أَحَدِهِمَا سَقَطَ عَنْهُ مَا يُعْجِزُهُ، وَلَا يُكلِّفُ اللهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا.

وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُفَرِّطِ الْمُتَمَكنِ مِن فِعْلِ مَا أُمِرَ بِهِ: فَهَذَا هُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ؛ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: "صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْب" (٢). [٢١/ ٦٣٠ - ٦٣٤]

٢٤١٣ - من كانت ترى يومًا دمًا ويومًا طهرًا؛ فالنقاء طهر والدم حيض، وعنه أيام النقاء والدم حيض اختاره الشيخ تقي الدين (٣). [المستدرك ٣/ ٥١]


(١) ومن ذلك: من صلى الفرض باجتهادٍ فبان أنه صلى قبل الوقت؛ مثاله: رجل صلى الفجر - مثلًا - عن اجتهاد، فثبت له بعد خروج الوقت أنه قد صلاها قبل وقتها، فالراجح - على ما أصله شيخ الإسلام - أن صلاته صحيحة ولا يُعيدها؛ لأنه قد صلى على الوجه المأمور به.
(٢) رواه البخاري (١١١٧).
(٣) الدم المتقطِّع، وهو الدم الذي يأتي المرأة على شكلٍ متقطِّع، بحيث تَرَى المرأة يومًا دمًا، ويومًا نقاءً ونحو ذلك، فهذا التقطع لا يخلو من حالتين:
الحالة الأول: أن يكون هذا التقطع مستمرًا في كل وقتها، ويستمر معها أكثر شهرها: فهذا دم استحاضة لا دم حيض، ويترتب عليه أحكام الاستحاضة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>