للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الْمُنْتَقِلَةُ إذَا تَغَيَّرَتْ عَادَتُهَا بِزِيَادَةٍ أَو نَقْصٍ أَو انْتِقَالٍ فَذَلِكَ حَيْضٌ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُ اسْتِحَاضَةٌ بِاسْتِمْرَارِ الدَّمِ؛ فَإِنَّهَا كَالْمُبْتَدَأَةِ.

وَالْمُسْتَحَاضَةُ تُرَدُّ إلَى عَادَتِهَا ثُمَّ إلَى تَمْيِيزِهَا ثُمَّ إلَى غَالِبِ عَادَاتِ النِّسَاءِ.

وَالْحَامِلُ إذَا رَأَتِ الدَّمَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَعْرُوفِ لَهَا فَهُوَ دَمُ حَيْضٍ بِنَاءَ عَلَى الْأَصْلِ.

وَالنِّفَاسُ لَا حَدَّ لِأقَلِّهِ وَلَا لِأكْثَرِهِ، فَلَو قُدِّرَ أَنَّ امْرَأَةً رَأَتِ الدَّمَ أَكْثَرَ مِن أَرْبَعِينَ أَو سِتينَ أَو سَبْعِينَ وَانْقَطَعَ فَهُوَ نِفَاسٌ، لَكِنْ إن اتَّصَلَ فَهُوَ دَمُ فَسَادٍ، وَحِينَئِذٍ فَالْحَدُّ أَرْبَعُونَ؛ فَإِنَّهُ مُنْتَهَى الْغَالِبِ جَاءَت بِهِ الْآثَارُ.

وَلَا حَدَّ لِسِنٍّ تَحِيضُ فِيهِ الْمَرْأَةُ؛ بَل لَو قُدِّرَ أَنَّهَا بَعْدَ سِتِّينَ أَو سَبْعِينَ زَادَ الدَّمُ الْمَعْرُوفُ مِنَ الرَّحِمِ لَكانَ حَيْضًا.

وَالْيَأْسُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} [الطلاق: ٤] لَيْس هُوَ بُلُوغُ سِنٍّ، فلَو كَانَ بُلُوغُ سَنٍّ لَبَيَّنَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَإِنَّمَا هُوَ أَنْ تَيْأَسَ الْمَرْأَةُ نَفْسُهَا مِن أَنْ تَحِيضَ.

وَإِذَا لَمْ يَكُن لِلنِّفَاسِ قَدْرٌ فَسَوَاءٌ وَلَدَتِ الْمَرْأَةُ تَوْأَمَيْنِ أَو أَكْثَرَ مَا زَالَتْ تَرَى الدَّمَ فَهِيَ نُفَسَاءُ، وَمَا تَرَاهُ مِن حِينِ تَشْرَعُ فِي الطَّلْقِ فَهُوَ نِفَاسٌ، وَحُكْمُ دَمِ النِّفَاسِ حُكْمُ دَمِ الْحَيْضِ.

وَمَن لَمْ يَأْخُذْ بِهَذَا بَل قَدَّرَ أقَل الْحَيْضِ بِيَوْمٍ أَو يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَو ثَلَاثَةِ أيَّامٍ فَلَيْسَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ مَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ.

وَلَو كَانَ هَذَا حَدًّا شَرْعِيًّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَكَانَ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم- أَوْلَى بِمَعْرِفَتِهِ وَبَيَانِهِ مِنَّا، كَمَا حَدَّ لِلْأَمَةِ مَا حَدَّهُ اللهُ لَهُم مِن أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَالْحَجِّ وَالصِّيَامِ وَمِن أَمَاكِنِ الْحَجِّ، وَمِن نُصُبِ الزَّكَاةِ وَفَرَائِضِهَا، وَعَدَدِ الصَّلَوَاتِ وَرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا، فَلَو كَانَ لِلْحَيْضِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَمْ يُقَدِّرْهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- حَدٌّ عِنْدَ اللهِ وَرَسُولِهِ لَبَيَّنَهُ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم-، فَلَمَّا لَمْ يَحُدَّهُ دَلَّ عَلَى أنَّهُ رَدَّ ذَلِكَ إلَى مَا يَعْرِفُهُ النِّسَاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>