(١) إذا خلا سؤال السائلين فى المسجد عن المحاذير التي ذكرها الشيخ: فقد نص العلماء على جوازه وإن كان خلاف الأُوْلى؛ لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: فإن المساجد لم تُبنَ لهذا. أخرجه مسلم. وقد أجابت اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة رقم (١٦٦) بقريب من جواب الشيخ حينما سُئلوا عن السؤال في المسجد، ورأوا الجواز إذا خلت المسألة من المحاذير. وسئل الإمام عبد العزيز بن باز -رحمه الله-: بعض المتسولين يسألون في المساجد وبعض الأئمة يمنعونهم من السؤال، فهل لديهم دليل على منعهم؟ وهل يجوز إعطاؤهم؟ فأجاب: لا أعلم بأسًا في ذلك ولا أعلم حجة لمن منعه، لكن إذا كان السائلون يتخطون رقاب الناس ويمشون بين الصفوف فينبغي منعهم، لما في عملهم هذا من إيذاء المصلين، وهكذا وقت الخطبة يجب أن يمنعوا لوجوب الإنصات عليهم وعلى غيرهم من المصلين، ولأن سؤالهم في هذه الحال يشغل غيرهم عن استماع الخطبة. اهـ. مجموع الفتاوى (١٤/ ٣٢٠). وقال السيوطي -رحمه الله-: السؤال في المسجد مكروه كراهة تنزيه، وإعطاء السائل فيه قربة يثاب عليها وليس بمكروه فضلًا عن أن يكون حرامًا، هذا هو المنقول والذي دلت عليه الأحاديث، أما النقل فقال النووي في شرح المهذب في باب الغسل: فرع لا بأس بأن يعطي السائل في المسجد شيئًا لحديث عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هل منكم أحد أطعم اليوم مسكينًا؟ " فقال أبو بكر دخلت المسجد فإذا أنا بسائل يسأل فوجدت كسرة خبز في يد عبد الرحمن فأخذتها فدفعتها. رواه أبو داود بإسناد جيد- هذا كلام شرح المهذب بحروفه، والحديث الذي أورده فيه دليل للأمرين معًا أن الصدقة عليه ليست مكروهة، وأن السؤال في المسجد ليس بمحرم؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - اطّلع على ذلك بإخبار الصديق ولم ينكره، ولو كان حرامًا لم يقر عليه بل كان يمنع السائل من العود إلى السؤال في المسجد، وبذلك يعرف أن النهي عن السؤال في المسجد إن ثبت محمول على الكراهة والتنزيه. انتهى. يُنظر: الحاوي للفتاوي، للسيوطي (١/ ٨٧).