للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَيَتركُ دِينَهُمْ؛ كَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَكَالتَّتَارِ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ مِنْهُم الْأَمْوَالَ، وَيُبْقُونَ لَهُم دِينَهُمْ، وَلَا يَسْتَهِينُ بِهِم مَن لَمْ يَعْرِفْهُمْ، فَضَلَالُهُم وَإِضْلَالُهُم أَعْظَمُ مِن أَنْ يُوصَفَ، وَهُم أَشْبَهُ النَّاسِ بِالْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ.

وَمَن كَانَ مُحْسِنًا لِلظَّنِّ بِهِمْ، وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ حَالَهُمْ: عُرّفَ حَالَهُمْ، فَإِنْ لَمْ يُبَايِنْهُم وَيُظْهِرْ لَهُم الْإِنْكَارَ وَإِلَّا أُلْحِقَ بِهِم وَجُعِلَ مِنْهُمْ.

وَأَمَّا مَن قَالَ: لِكَلَامِهِمْ تَأْوِيل يُوَافِقُ الشَّرِيعَةَ: فَإِنَّهُ مِن رُؤُوسِهِمْ وَأَئِمَّتِهِمْ؛ فَاِنَّهُ إنْ كَانَ ذَكِيًّا فَإِنَّة يَعْرِفُ كَذِبَ نَفْسِهِ فِيمَا قَالَهُ، وَإِن كَانَ مُعْتَقِدًا لِهَذَا بَاطِنًا وَظَاهِرًا فَهُوَ أَكْفَرُ مِن النَّصَارَى، فَمَن لَمْ يُكَفِّرْ هَؤُلَاءِ وَجَعَلَ لِكَلَامِهِمْ تَأْوِيلًا كَانَ عَن تَكْفِيرِ النَّصَارَى بِالتَّثْلِيثِ وَالاِتِّحَادِ أَبْعَدَ.

وَجِمَاعُ أَمْرِ صَاحِبِ الْفُصُوصِ وَذَوِيهِ: هَدْمُ أصُولِ الْإِيمَانِ الثَّلَاثَةِ؛ فَإِنَّ أُصُولَ الْإِيمَانِ:

أ - الْإِيمَانُ باللّهِ.

ب - وَالْإِيمَانُ بِرُسُلِهِ.

ج - وَالْإِيمَانُ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ.

فَأَمَّا الْإِيمَانُ باللّهِ: فَزَعَمُوا أَنَّ وُجُودَهُ وُجُودُ الْعَالَمِ، لَيْسَ لِلْعَالَم صَانِعٌ غَيْرُ الْعَالَمِ.

وَأَمَّا الرَّسُولُ: فَزَعَمُوا أَنَّهُم أَعْلَمُ باللّهِ مِنْهُ وَمِن جَمِيعِ الرُّسُلِ، وَمِنْهُم مَن يَأْخُذُ الْعِلْمَ باللهِ -الَّذِي هُوَ التَّعْطِيلُ وَوَحْدَةُ الْوُجُودِ- مِن مِشْكَاتِهِ، وَأَنَّهُم يُسَاوُونَهُ فِي أَخْذِ الْعِلْمِ بِالشَّرِيعَةِ عَن اللّهِ.

وَأَمَّا الْإِيمَانُ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ: فَقَد قَالَ:

فَلَمْ يَبْقَ إلَّا صَادِقُ الْوَعْدِ وَحْدَهُ … وَبِالْوَعِيدِ (١) الْحَقِّ عَيْنٌ تُعَايِنُ


(١) لا يستقيم الوزن بهذه الكلمة، ورُويت: وما لوعيدِ .. وبهذا يستقيم الوزن.

<<  <  ج: ص:  >  >>