ولا يقصد الشيخ الاتفاق على وجوب ذلك، ومنع من دخل مع الإمام بنية صلاة العصر خلف إمام يصلي المغرب؛ فإن هذه الصورة فيها خلاف مشهور، بل وأفتى كثير من العلماء باستحباب هذه الصورة، وهو مذهب الإمام الشافعي -رحمه الله-، وأحد القولين عن الإمام أحمد، وذكر المرداوي في الإنصاف (٤/ ٤١٣) أنه اختارها جماعة من أصحاب الإمام أحمد منهم شيخ الإسلام ابن تيمية، وجده المجد ابن تيمية، وهو اختيار العلَّامة ابن باز كما في مجموع فتاوى ابن باز (١٢/ ١٨٩)، والعلَّامة ابن عثيمين رحمهم الله تعالى. قال النووي -رحمه الله- في "المجموع" (٤/ ١٤٣): "ولو نوى الصبح خلف مصلي الظهر وتمت صلاة المأموم، فإن شاء انتظر في التشهد حتى يفرغ الإمام، ويسلم معه، وهذا أفضل، وإن شاء نوى مفارقته وسلم، ولا تبطل صلاته هنا بالمفارقة بلا خلاف، لتعذر المتابعة، وكذا فيما أشبهها من الصور". اهـ. وقال العلَّامة ابن عثيمين -رحمه الله-: "الصحيح أن الإنسان إذا جاء والإمام في صلاة العشاء، سواء كان معه جماعة أم لم يكن، فإنه يدخل مع الإمام بنية المغرب، ولا يضر أن تختلف نية الإمام والمأموم لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى". القول الثاني في المسألة: أن يدخلوا معه بنية العشاء، ويصلوا بعده المغرب ويسقط الترتيب هنا مراعاةً للجماعة. القول الثالث: أن يصلوا وحدهم صلاة المغرب، ثم يدخلوا معه فيما بقي من صلاة العشاء. والقولان الأخيران فيهما محذور، أما الأول فمحذوره فوات الترتيب حيث قدم صلاة العشاء على صلاة المغرب، وأما الثاني فمحذوره إقامة جماعتين في مسجد واحد وفي آن واحد، وهذا تفريق للأمة. أما القول الأول الذي ذكرنا أنه الصحيح، فربما قال قائل إن فيه محذورًا وهو تسليم هؤلاء قبل أن يسلم إمامهم، وهذا في الحقيقة ليس فيه محذور، فقد ورد انفراد المأموم عن الإمام في مواضع من السُّنَّة، منها: صلاة الخوف، فإن الإمام يصلي بهم ركعة ثم يتمون لأنفسهم وينصرفون. ومنها: قصة الرجل الذي دخل مع معاذ بن جبل - رضي الله عنه -، فلما بدأ بسورة البقرة أو سورة نحوها انفصل عنه ولم يكمل معه. ومنها: أن العلماء قالوا: لو أن الإنسان أثناء الصلاة وهو مأموم ثارت عليه الريح (الغازات) أو احتاج إلى نقض الوضوء ببول أو غائط، فإنه لا بأس أن ينوي الانفراد ويكمل صلاته وينصرف، فهذا يدل على أن الانفراد لحاجة لا يعتبر محذورًا". اهـ. لقاءات الباب المفتوح (٣/ ٤٢٥).