بِإِعَادَتِهِ مَعَ كَوْنِهِ قَد تَرَكَ بَعْضَ وَاجِبَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُن يَعْرِفُ وُجُوبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ الَّذِينَ أَكَلُوا فِي رَمَضَانَ حَتَّى تَبَيَّنَ لِأحَدِهِمْ الْحِبَالُ الْبِيضُ مِن الْحِبَالِ السُّودِ أَكَلُوا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَمْ يَأمُرْهُم بِالْإِعَادَةِ، فَهَؤُلَاءِ كَانُوا جُهَّالًا بِالْوُجُوبِ، فَلَمْ يَأمُرْهُم بِقَضَاءِ مَا تَرَكُوهُ فِي حَالِ الْجَهْلِ، كَمَا لَا يُؤْمَرُ الْكَافِرُ بِقَضَاءِ مَا تَرَكَهُ فِي حَالِ كُفْرِهِ وَجَاهِلِيَّتِهِ، بِخِلَافِ مَن كَانَ قَد عَلِمَ الْوُجُوبَ وَتَرَكَ الْوَاجِبَ نِسْيَانًا، فَهَذَا أَمَرَهُ بِهِ إذَا ذَكَرَهُ.
وَأَمر النَّائِمَ مِن حِينِ يَسْتَيْقِظ، فَإِنَّهُ حِينَ النَّوْمِ لَمْ يَكُن مَأمُورًا بِالصَّلَاةِ، فَلِهَذَا كَانَ النَّائِمُ إذَا اسْتَيْقَظَ قُرْبَ طُلُوعِ الشَّمْسِ يَتَوَضَّأُ ويغْتَسِل وَإِن طَلَعَتْ الشَّمْسُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاء؛ كَالشَّافِعيِّ وَأَحْمَد وَأَبِي حَنِيفَةَ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن مَالِكٍ، بِخِلَافِ مَن كَانَ مُسْتَيْقِظًا وَالْوَقْتُ وَاسِعٌ، مِثْلُ الَّذِي يَكُونُ نَائِمًا فِي بُسْتَانٍ أَو قَرْيَةٍ وَالْمَاءُ بَارِد يَضُرُّهُ، وَالْحَمَّامُ بَعِيدٌ مِنْهُ إنْ خَرَجَ إلَيْهِ ذَهَبَ الْوَقْتُ، فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي فِي الْوَقْتِ وَلَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ.
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ فِي الْمِصْرِ وَقَد تَعَذَّرَ عَلَيْهِ دُخُولُ الْحَمَّامِ: إمَّا لِكَوْنِهِ لَمْ يُفْتَحْ، أَو لِبُعْدِهَا عَنْهُ، أَو لِكَوْنِهِ لَيْسَ مَعَهُ مَا يُعْطِي الحمامي أُجْرَتَهُ وَنَحْو ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُصلِّي بِالتَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِالتَّيَمُّمِ فَرْضٌ إذَا عَجَزَ عَن الْمَاءِ لِعَدَمٍ أَو لِخَوْفِ الضَّرَرِ بِاسْتِعْمَالِهِ، وَلَا إعَادَةَ عَلَى أَحَدٍ مِن هَؤُلَاءِ، فَفِي كَثِيرٍ مِن الضَّرَرِ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ؛ كَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، وَبَعْضُ الضَّرَرِ تَنَازَعَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ، وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَى أَحَدٍ صَلَّى بِحَسَبِ اسْتِطَاعَتِهِ كَمَا أَمَرَ. [٢١/ ٤٢٨ - ٤٣١]
٢٤٩٩ - دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى أَنَّ الْمَوَاقِيتَ "خَمْسَةٌ" فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ، وَهِيَ: "ثَلَاثَة" فِي حَالِ الْعُذْرِ، فَفِي حَالِ الْعُذْرِ إذَا جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ: بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، فَإِنَّمَا صَلَّى الصَّلَاةَ فِي وَقْتِهَا، لَمْ يُصَلِّ وَاحِدَةً بَعْدَ وَقْتِهَا؛ وَلهَذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنْ يَنْوِيَ الْجَمْعَ وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute