للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَمَّا تَأخِيرُ صَلَاةِ النَّهَارِ إلَى اللَّيْلِ، وَتَأْخِيرُ صَلَاةِ اللَّيْلِ إلَى النَّهَارِ: فَلَا يَجُوزُ لِمَرَض وَلَا لِسَفَر، وَلَا لِشَغْل مِن الْأشْغَالِ، وَلَا لِصَنَاعَةٍ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ؛ بَل قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه -: الْجَمْعُ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ مِن غَيْرِ عُذْرٍ مِن الْكَبَائِرِ (١).

والْمَرِيضُ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّوْمَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ بِاتّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمُسَافِرُ لَهُ أنْ يُؤَخِّرَ الصِّيَامَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَخرَ الصَّلَاةَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.

وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّن أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا أَوْكَدُ مِن الصَّوْمِ فِي وَقْتِهِ.

وقَالَ تَعَالَى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ} [مريم: ٥٩] قَالَ طَائِفَةٌ مِن السَّلَفِ: إضَاعَتهَا تَأْخِيرُهَا عَن وَقْتِهَا، وَلَو تَرَكُوهَا لَكَانُوا كُفَّارًا.

وَمَن ظَنَّ أَنَّ الصَّلَاةَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ بِالْمَاءِ خَيْرٌ مِن الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ بِالتَّيَمُّمِ فَهُوَ ضَالٌّ جَاهِلٌ.

وَإذَا اسْتَيْقَظَ آخِرَ وَقْتِ الْفَجْرِ فَإذَا اغْتَسَلَ طَلَعَتْ الشَّمْسُ: فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ هنَا يَقُولُونَ: يَغْتَسِلُ وَيُصَلِّي بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَهَذَا مَذْهَبُ أبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد، وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ.

وَقَالَ فِي الْقَوْلِ الآخَرِ: بَل يَتَيَمَّمُ أَيْضًا هُنَا وَيُصَلِّي قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ بِالتَّيمُّمِ خَيْرٌ مِن الصَّلَاةِ بَعْدَهُ بِالْغُسْلِ.


(١) رواه عبد الرزاق في مصنفه (٢٠٣٥)، والبيهقي في سننه (٥٥٥٩)، من طريق أبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّاب، قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ هَذَا بثَابتٍ عَن عُمَرَ، هُوَ مُرْسَلٌ.
قال البيهقي: هُوَ كَمَا قَالَ الَشَّافِعِيُّ، وَالْإسْنَادُ الْمَشْهُورُ لَهَذًا الْأثَرِ مَا ذَكَرْنَا وَهُوَ مُرْسَلٌ، أَبُو الْعَاليَةِ لَمْ يَسْمَعْ مِن عُمَرَ - رضي الله عنه -. اهـ.
وروي عن ابن عباس وغيره بأسانيد ضعيفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>