وَالْأَثَرِ مَعْرُوفٌ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ ذَكَرُوا ذَلِكَ مُقِرِّينَ لَهُ لَا مُنْكِرِينَ لَهُ. [٢٢/ ٥٣ - ٥٤]
٢٥٠٦ - قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِنَا: إنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَن وَقْتِهَا إلَّا لِنَاوٍ لِجَمْعِهَا أَو مُشْتَغِلٍ بِشَرْطِهَا: لَمْ يَقُلْهُ قَبْلَهُ أَحَدٌ مِن الْأَصْحَابِ؛ بَل وَلَا أحَدٌ مِن سَائِرِ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَعْضَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، فَهَذَا أَشُكُّ فِيهِ.
وَمَا أَعْلَمُ مَن يُوَافِقُه عَلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَمَن قَالَ ذَلِكَ فَهُوَ مَحْجُوجٌ بِإجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ الِاشْتِغَالِ -بِالشَّرْطِ لَا يُبِيحُ تَأخِيرَ الصَّلَاةِ عَن وَقْتِهَا الْمَحْدُودِ شَرْعًا، فَإِنَّهُ لَو دَخَلَ الْوَقْتُ وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَطْلُبَ الْمَاءَ وَهُوَ لَا يَجِدُهُ إلَّا بَعْدَ الْوَقْتِ: لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّأخِيرُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَإِن كَانَ مُشْتَغِلًا بِالشَّرْطِ.
وَكَذَلِكَ الْعُرْيَانُ لَو أَمْكَنَهُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى قَرْيَةٍ لِيَشْتَرِيَ لَهُ مِنْهَا ثَوْبًا وَهُوَ لَا يُصَلِّي إلَّا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّأخِيرُ بِلَا نِزَاعِ.
وَكَذَلِكَ الْمُسْتَحَاضَةُ لَو كَانَ دَمهَا يَنْقَطِعُ بَعْدَ الْوَقْتِ لَمْ يَجُزْ لَهَا أَنْ تُؤَخرَ الصَّلَاةَ لِتُصَلِّي بِطَهَارَةٍ بَعْدَ الْوَقْتِ؛ بَل تُصَلِّي فِي الْوَقْتِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ.
وَأمَّا حَيْثُ جَازَ الْجَمْعُ فَالْوَقْتُ وَاحِدٌ، وَالْمُؤَخِّرُ لَيْسَ بِمُؤَخِّر عَن الْوَقْتِ الَّذِي يَجُوزُ فِعْلُهَا فِيهِ.
وَكَذَلِكَ صَلَاةُ الْخَوْفِ تَجِبُ فِي الْوَقْتِ مَعَ إمْكَانِ أَنْ يُؤَخِّرَهَا فَلَا يَسْتَدْبِرُ الْقِبْلَةَ وَلَا يَعْمَلُ عَمَلًا كَثِيرًا فِي الصَّلَاةِ، وَلَا يَتَخَلَّفُ عَن الْإِمَامِ بِرَكْعَةٍ، وَلَا يُفَارِقُ الْإِمَامَ قَبْلَ السَّلَامِ، وَلَا يَقْضِي مَا سَبَقَ بِهِ قَبْلَ السَّلَامِ وَنَحْو ذَلِكَ مِمَّا يَفْعَلُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا لِأَجْلِ الْوَقْتِ، وَإِلَّا فَفِعْلُهَا بَعْدَ الْوَقْتِ وَلَو بِاللَّيْلِ مُمْكِن عَلَى الْإِكْمَالِ.
وَإِنَّمَا نَازَعَ مَن نَازَعَ إذَا أَمْكَنَهُ تَعَلُّمُ دَلَائِلِ الْقِبْلَةِ وَلَا يَتَعَلَّمُهَا حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ، وَهَذَا النزَاعُ هُوَ الْقَوْذ الْمُحْدَثُ الشَّاذُّ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute