للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مَا يُسْتَرُ فِي الصَّلَاةِ مِن قَوْلِهِ: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: ٣١].

ثُمَّ قَالَ: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} يَعْنِي: الْبَاطِنَةَ، {إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} الْآيَةَ [النور: ٣١].

فَقَالَ: يَجُوزُ لَهَا فِي الصَّلَاةِ أنْ تُبْدِيَ الزِّينَةَ الظَّاهِرَةَ دُونَ الْبَاطِنَةِ.

وَالسَّلَفُ قَد تَنَازَعُوا فِي الزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أ- فَقَالَ ابْن مَسْعُودٍ وَمَن وَافَقَهُ: هِيَ الثِّيَابُ.

ب- وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمَن وَافَقَة: هِيَ فِي الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ؛ مِثْلُ الْكُحْلِ وَالْخَاتَمِ.

وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ فِي النَّظَرِ إلَى الْمَرْأةِ الْأجْنَبِيَّةِ: فَقِيلَ: يَجُوزُ النَّظَرُ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ إلَى وَجْهِهَا ويدَيْهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ أبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ، وَقَوْلٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد.

وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أحْمَد، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.

وَحَقِيقَةُ الْأَمْرِ: أَنَّ اللهَ جَعَلَ الزِّينَةَ زِينتَيْنِ:

أ- زِينَةً ظَاهِرَةً

ب- وَزِينَةً غَيْرَ ظَاهِرَةٍ.

وَجَوَّزَ لَهَا إبْدَاءَ زِينَتهَا الظَّاهِرَةَ لِغَيْرِ الزَّوْجِ وَذَوِي الْمَحَارِمِ.

وَكَانُوا قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ آيَةُ الْحِجَابِ كَانَ النِّسَاءُ يَخْرُجْنَ بِلَا جِلْبَاب، يَرَى الرَّجُلُ وَجْهَهَا وَيَدَيْهَا، وَكَانَ إذ ذَاكَ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُظْهِرَ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ، وَكَانَ حِينَئِذٍ يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهَا؛ لِأنَّهُ يَجُوزُ لَهَا إظْهَارُهُ.

ثُمَّ لَمَّا أَنْزَلَ اللّهُ -عز وجل- آيَةَ الْحِجَابِ بِقَوْلِهِ: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: ٥٩] حَجَبَ النِّسَاءَ عَنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>