للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَالْوجْهُ الثاني: مِن حَيْثُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى خِلَافِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ رَسُولُ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْعِبَادَاتِ؛ فَإِنَّ هَذَا بِدْعَة بِاتِّفَاقِ الْأئِمَّةِ وَإِن ظَنَّ الظَّانُّ أَنَّ فِي زِيَادَتِهِ خَيْرًا" (١)، كَمَا أَحْدَثَهُ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ مِن الْأذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي الْعِيدَيْنِ.

وَاسْتَحَبَّ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِن أصْحَابِ أَحْمَد فِي الْحَاجِّ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَنْ يَسْتَفْتِحَ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، فَخَالَفُوا الْأَئِمَّةَ وَالسُّنَّةَ، وَإِنَّمَا السُّنَّةُ أَنْ يَسْتَفْتِحَ الْمُحْرِمُ بِالطَّوَافِ، كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ، بِخِلَافِ الْمُقِيمِ الَّذِي يُرِيدُ الصَّلَاةَ فِيهِ دُونَ الطَّوَافِ، فَهَذَا إذَا صَلَّى تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ فَحَسَنٌ. [٢٢/ ٢١٧ - ٢٢٦، ٢٦/ ١٧١]

٢٥٥٦ - سُئِلَ الْإَمَامُ أَحْمَد عَن رَجُلٍ يَخْرُجُ مِن بَيْتِهِ لِلصَّلَاةِ هَل يَنوِي حِينَ الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: قَد نَوَى حِينَ خَرَجَ. [٢٢/ ٢٢٨]

٢٥٥٧ - تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ: هَل يُسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ بِالنِّيَّةِ سِرًّا أَمْ لَا؟ قَالَ طَائِفَةٌ مِن أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأحْمَد: يُسْتَحبُّ التَّلَفُّظُ بِهَا؛ لكَوْنه أَوْكَدَ.

وَقَالَتْ طَائِفَة مِن أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا: لَا يُسْتَحَبُّ التَّلَفُظُ بِهَا.

وَهَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّ الْأقْوَالِ؛ بَل التَّلَفُّظُ بِالنِّيَّةِ نَقْصٌ فِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ:

أَمَّا فِي الدِّينِ فَلِأَنَّهُ بِدْعَةٌ.

وَأَمَّا فِي الْعَقْلِ فَلِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَن يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ طَعَامًا فَيَقُولُ: نَوَيْت بِوَضْعِ يَدِي فِي هَذَا الْإِنَاءِ أَنِّي أرِيدُ أَنْ آخُذَ مِنْهُ لُقْمَةً فَأَضَعُهَا فِي فَمِي فَأمْضُغُهَا ثمَّ أَبْلَعُهَا لِأَشْبَعَ!

مِثْل الْقَائلِ الَّذِي ويَقُولُ: نَوَيْت أُصَلِّي فَرِيضَةَ هَذِهِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَيَّ حَاضِرَ الْوَقْتِ أرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي جَمَاعَةٍ أَدَاءً للهِ تَعَالَى!


(١) ومن أمثلة ذلك: أن بعض الناس يقرأ كل يوم آيةً مِن السجدة ليسجد، وربما فعل ذلك كل وقت صلاة، والمداومة على هذا العمل يجعله شبيهًا بالسنن أو الواجبات، فيكون عملُه بدعة، لم يَعْمَله الرسول ولا الصحابة، ولو فعلته بعض الأحيان فلا بأس.

<<  <  ج: ص:  >  >>