للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَمَّا الضَّفْرُ مَعَ إرْسَالِهِ فَلَيْسَ مِنَ الْكَفْتِ (١). [٢٢/ ٤٥٠]

٢٥٨٣ - جِلْسَةُ الِاسْتِرَاحَةِ: قَد ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحِ" أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- جَلَسَهَا.

وَمَن فَعَلَهَا لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ وَإِن كَانَ مَأْمُومًا؛ لِكَوْنِ التَّأخُّرِ بِمِقْدَارِ مَا لَيْسَ هُوَ مِنَ التَّخَلُّفِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ عِنْدَ مَن يَقُولُ بِاسْتِحْبَابِهَا، وَهَل هَذَا إلَّا فِعْلٌ فِي مَحَلِّ اجْتِهَادٍ؟ فَإِنَّهُ قَد تَعَارَضَ فِعْلُ هَذِهِ السّنَّةِ عِنْدَهُ، وَالْمُبَادَرَةَ إلَى مُوَافَقَةِ الْإِمَامِ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَوْلَى مِنَ التَّخَلّفِ لَكِنَّهُ يَسِيرُ، فَصَارَ مِثْل مَا إذَا قَامَ مِنَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ قَبْلَ أَنْ يُكمِلَهُ الْمَأمُومُ وَالْمَأمُومُ يَرَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ، أَو مِثْلُ أَنْ يُسَلِّمَ وَقَد بَقِيَ عَلَيْهِ يَسِيرٌ مِنَ الدُّعَاءِ هَل يُسَلِّمُ أَو يُتمُّهُ؟

وَمِثْلُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ هِيَ مِن مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ.

وَالْأَقْوَى: أَنَّ مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ أَوْلَى مِنَ التَّخَلُّفِ لِفِعْلِ مُسْتَحَبٍّ. [٢٢/ ٤٥١]


(١) قال ابن عثيمين -رحمه الله-: قال فقهاؤنا: ولا فرق بين أن يفعل ذلك عند الصَّلاة من أجل الصَّلاة، أو أن يفعل ذلك لعمل قبل الصَّلاة، كما لو كان يشتغل، وقد كفَّ كُمَّه أو لَفَّه ثم جاء يُصلِّي، نقول له: أطلق الكُمَّ وفُكَّ اللفَّة ..
إذ يُكره كفُّ الثَّوب بأن يرفع الثوب من أسفل، ولفُّ الثوب أيضًا بأن يطويه حتى يحزمه على بطنه، كل هذا مكَروهٌ للحديث، ولأنه ليس من تمام أخذ الزِّينة، فإنَّ أخذ الزِّينة عند الناس أن يكون الثَّوب مرسلًا غير مكفوف، ثم إن الإنسان قد يفعله ترفُّعًا؛ لئلا يتلوَّث ثوبُه بالتُّراب فيكون في هذا نوعٌ من الكبرياء. ثم إنه ينبغي أيضًا أن ينتشر الثوبُ ولا يُكفَّ؛ لأنه ربما يُؤجَر الإنسان على كلِّ ما يتَّصل به مما يُباشر الأرض، فلهذا يُكره كَفُّ الثَّوب.
فإن قيل: هل من كَفِّ الثَّوب ما يفعله بعض الناس بأن يكفَّ "الغُتْرَة" بأن يردَّ طرف "الغُتْرَة" على كتفه حول عنقه؟
فالجواب: هذا ليس من كفِّ الثَّوب؛ لأن هذا نوع من اللباس؛ أي: أن "الغُتْرة" تُلبس على هذه الكيفيَّة، فَتُكفُّ مثلًا على الرَّأس، وتُجعل وراءه، ولذلك جاز للإنسان أن يُصلِّي في العِمَامة، والعِمَامة مكوَّرة على الرَّأس غير مرسلة، فإذا كان من عادة الناس أن يستعملوا "الغُتْرة" و"الشِّمَاغ" على وجوه متنوِّعة فلا بأس، ولهذا قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: إنَّ طرح "القَبَاء" على الكتفين بدون إدخال الأكمام لا يُعدُّ من السَّدل؛ لأنه يُلبس على هذه الكيفيَّة أحيانًا.
لكن لو كانت "الغُتْرة" مرسلة؛ ثم كفَّها عند السُّجود؛ فالظَّاهر أن ذلك داخل في كَفِّ الثَّوب. الشرح الممتع (٢/ ١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>