للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَدْعُو فِي سُجُودِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ يَدْعُو إذَا رَفَعَ رَأسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَكَانَ يَدْعُو فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ.

وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ هُوَ وَالْمَأْمُومُونَ يَدْعُونَ بَعْدَ السَّلَامِ؛ بَل كَانَ يَذْكُر اللّهَ بِالتَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ كَمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ. [٢٢/ ٤٨١]

٢٥٨٦ - تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ فِي السُّجُودِ الْمُطْلَقِ لِغَيْرِ سَبَبٍ: هَل هُوَ عِبَادَةٌ أمْ لَا؟

وَمَن سَوَّغَهُ يَقُولُ: هُوَ خُضُوعٌ للهِ وَالسُّجُودُ هوَ الْخُضُوعُ قَالَ تَعَالَى: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ [البقرة: ٥٨].

قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: السُّجُودُ فِي الفُغَةِ هُوَ الْخُضُوعُ، وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: أُمِرُوا أَنْ يَدْخُلُوا رُكَّعًا مُنْحَنِينَ، فَإنَّ الدُّخُولَ مَعَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأرْضِ لَا يُمْكِنُ، وَقَد قَالَ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الرعد: ١٥] وَمَعْلُومٌ أَنَّ سُجُودَ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ، لَيْسَ سُجُودُ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ وَضْعَ جِبَاهِهَا عَلَى الْأرْضِ.

وَقَد قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ لَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ: "إنَّهَا تَذْهَبُ فتَسْجُدُ تَحْتَ الْعَرْشِ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

فَعُلِمَ أَنَّ السُّجُودَ اسْمُ جِنْس، وَهُوَ كَمَالُ الْخُضُوعِ للهِ، وَأَعَزُّ مَا فِي الْإِنْسَانِ وَجْهُهُ، فَوَضْعُهُ عَلَى الْأرْضٌ للهِ غَايَةُ خُضُوعِهِ بِبَدَنِهِ، وَهوَ غَايَةُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِن ذَلِكَ.

وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "أقرَبُ مَا يَكونُ الْعَبْدُ مِن رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ"، وَقَالَ تَعَالَى: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (١٩)} [العلق: ١٩] فَصَارَ مِن جِنْسِ أَذْكَارِ الصَّلَاةِ الَّتِي تُشْرَعُ خَارجَ الصَّلَاةِ كَالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتكبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. [٢١/ ٢٨٥]

٢٥٨٧ - إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ [أي: المأموم] أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْجَمَاعَةِ إلَّا قُدَّامَ الْإِمَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>