وهذا يدل على وجوب التسبيح، وأنه لا يجب أن يلتزم المصلي صيغةً مُعيّنة. (١) كلامه ظاهر الرجحان، لا سِيَّمَا مع ضعفِ حديثِ عقبةَ بنِ عامر. (٢) وأيضًا: فقد ثبت في الصحيحين البخاري: (٨١٧)، ومسلم (٤٨٤)، عَن عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أنَّهَا قَالَتْ: "كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي" يَتَأَوَّلُ القُرْآنَ. أي: يُنفذ الأمر الذي ورد في قول الله تبارك وتعالى في سورة النصر: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ}. فظاهر هذا: أنّه بهذا الذكر يكون قد أتى بالواجب، لا سيما وأنه كان يُكثر منه. (٣) وهذا هو الصارف الراجح للركنية، ويبقى التسبيح في الركوع والسجود على الوجوب، وقد قال الشيخ في موضع آخر في قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} [السجدة: ١٥]، وَقَوْلُهُ: {ذُكِّرُوا بِهَا} يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْآيَاتِ، فَالتَّذْكِيرُ بِهَا جَمِيعِهَا مُوجِبٌ لِلتَّسْبِيحِ وَالسُّجُودِ، وَهَذَا مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ التَّسْبِيحِ وَالسُّجُودِ، وَعَلَى هَذَا تَدُلُّ عَامَّةُ أَدِلَّةِ الشَرِيعَةِ مِن الْكِتَابِ وَالسُّنَةِ: تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ جِنْسِ التَّسْبِيحِ، فَمَن لَمْ يُسَبِّحْ فِي السُّجُودِ فَقَد عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ، وإِذَا أَتَى بِنَوْعٍ مِن أنْوَاعِ التَّسْبِيحِ الْمَشْرُوع أَجْزَأَهُ. (٣٢/ ١٤٩)