للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْحَمْدُ للهِ الَّذِي كَانَ غَايَةُ كَيْدِ الشَّيْطَانِ الْوَسْوَسَةَ.

فَإِنَّ شَيْطَانَ الْجِنِّ إذَا غَلَبَ وَسْوَسَ، وَشَيْطَانَ الْإِنْسِ إذَا غَلَبَ كَذَبَ.

وَالْوَسْوَاسُ يَعْرِضُ لِكُلِّ مَن تَوَجَّهَ إلَى اللهِ تَعَالَى بِذِكْرٍ أَو غَيْرِهِ، لَا بُدَّ لَهُ مِن ذَلِكَ.

فَيَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَثْبُتَ وَيصْبِرَ وُيلَازِمَ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ وَلَا يَضْجَرُ، فَإِنَّهُ بِمُلَازَمَةِ ذَلِكَ يَنْصَرِفُ عَنْهُ كَيْدُ الشَّيْطَانِ {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (٧٦)} [النساء: ٧٦].

وَكُلَّمَا أَرَادَ الْعَبْدُ تَوَجُّهًا إلَى اللهِ تَعَالَى بِقَلْبِهِ جَاءَ مِن الْوَسْوَاسِ أُمُورٌ أُخْرَى، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ بِمَنْزِلَةِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ، كُلَّمَا أَرَادَ الْعَبْدُ أنْ يَسِيرَ (١) إلَى اللهِ تَعَالَى أَرَادَ قَطْعَ الطَّرِيقِ عَلَيْهِ.

وَأمَّا مَا يُرْوَى عَن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- مِن قَوْلِهِ: إنِّي لَأُجَهِّزُ جَيْشِي وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ: فَذَاكَ لِأنَّ عُمَرَ كَانَ مَأْمُورَا بِالْجِهَادِ، وَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤمِنِينَ فَهُوَ أَمِيرُ الْجِهَادِ، فَصَارَ بِذَلِكَ مِن بَعْضِ الْوُجُوهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُصَلِّي الَّذِي يُصَلِّي صَلَاةَ الْخَوْفِ حَالَ مُعَايَنَةِ الْعَدُوِّ:

- إمَّا حَالَ الْقِتَالِ.

- وَإِمَّا غَيْرَ حَالِ الْقِتَالِ.

فَهُوَ مَأْمُورٌ بِالصَّلَاةِ وَمَأْمُورٌ بِالْجِهَادِ، فَعَلَيْهِ أنْ يُؤَدِّيَ الْوَاجِبَيْنِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ. [٢٢/ ٦٠٣ - ٦٠٩]

٢٦٥٣ - الْوَسْوَاسُ نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَمْنَعُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِن تَدَبُّرِ الْكَلِمِ الطَّيِّبِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ الَّذِي


(١) في الأصل: (يَسِيرُ)، بدون "أن" وهو إن كان له وجه صحيح في اللغة إلا أن المعتاد من الشيخ في مثل هذا أن يضيف "أنْ".

<<  <  ج: ص:  >  >>