للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِذَا كَانَ السُّجُود عِبَادَةً بِنَفْسِهِ عُلِمَ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِن الْقِيَامِ (١).

وَقَد ثَبَتَ فِي "الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ" عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِن رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ" (٢) وَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّهُ فِي حَالِ السُّجُودِ أَقْرَبُ إلَى اللهِ مِنْة فِي غَيْرِهِ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي فَضِيلَةِ السُّجُودِ عَلَى غَيْرِهِ.

فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَطْوِيلَ الصَّلَاةِ قِيَامِهَا وَرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا أَفْضَلُ مِن تَكْثِيرِ ذَلِكَ مَعَ تَخْفِيفِهِ، وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ.

فَإِنَّهُ لَمَّا صَلَّى الْكسُوفَ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَشْرَ رَكَعَاتٍ أَو عِشْرِينَ رَكْعَة يُكْثِرُ فِيهَا قِيَامَهَا وَسُجُودَهَا فَلَمْ يَفْعَلْ؛ بَل صَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَطَالَ فِيهِمَا الْقِيَامَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، وَجَعَلَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قِيَامَيْنِ وَرُكُوعَيْنِ.

وَعَلَى هَذَا: فَكَثْرَةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْضَلُ مِن طُولِ الْقِيَامِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ تَطْوِيلُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.

وَأَمَّا إذَا أَطَالَ الْقِيَامَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ: فَهَذَا أَفْضَلُ مِن إطَالَةِ الْقِيَامِ فَقَطْ، وَأَفْضَلُ مِن تَكْثِيرِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِيَامِ بِقَدْرِ ذَلِكَ (٣). [٢٣/ ٦٩ - ٨٢]


(١) ولهذا يرى الشيخ جواز السجود المطلق لله تعالى، كان يدعو الله وهو ساجد بلا صلاة. فقد ذكر أن العلماء اختلفوا في السجود المطلق هل هو مشروع أم لا؟ ومال إلى المول بمشروعيته، وأنه كالتسبيح والذكر يشرع خارج الصلاة أيضًا. يُنظر إلى كلامه في (٢١/ ٢٨٥).
وقد ذكر الشيخ أن جنس السجود أفضل من جنس القيام من اثني عشر وجهًا، اقتصرتُ على بعضِها.
(٢) رواه مسلم (٤٨٢).
(٣) خلاصة كلام شيخ الإسلام في أَيّهُمَا أَفْضَلُ: كَثْرَةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مع تخفيف القراءة، أَو طُولُ الْقِيَامِ مع تقليل عدد الركعات؟
١ - أَنَّ تَطْوِيلَ الصَّلَاةِ قِيَامِهَا وَرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا مع تقليل عدد الركعات: أَفْضَلُ مِن تَكْثِيرِ ذَلِكَ مَعَ تَخْفِيفِهِا.
٢ - أنّ كَثْرَةَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ -وذلك بتكثير عدد الركعات- وَتَخْفِيفَ الْقِيَامِ: أَفْضَلُ مِن طُولِ الْقِيَامِ الَّذِي فِيهِ تَخفيف الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. =

<<  <  ج: ص:  >  >>