واسْتدلوا بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة". وقال آخرون: وقت الوتر ما بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر، وبه قال مالك والشافعي وأحمد بن حنبل. وممن أوتر بعد الفجر عبادةُ بن الصامت وابن عباس وأبو الدرداء وحذيفة وابن مسعود وعائشة، روي ذلك عن ابن عمر - رضي الله عنهم -. قال ابن عبد البر رحمه الله: وهو الصواب عندي؛ لأني لا أعلم لهؤلاء الصحابة مخالفًا من الصحابة. فَدَلّ إجماعهم على أن معنى الحديث في مراعاة طلوع الفجر أريد ما لم تُصَلِّ صلاة الفجر. اهـ. الاستذكار (٢/ ١٢٢). وقال النووي في شرح المهذب: قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر وقت للوتر، ثم حكى عن جماعة من السلف أنهم قالوا: يمتد وقته إلى أن يصلي الصبح، وعن جماعة أنهم قالوا يفوت لطلوع الفجر. انتهى. ورجح العلّامة ابن عثيمين رحمه الله أنّ الوتر ينتهي بطلوع الفجر، وقال: وأما ما يُروى عن بعضِ السَّلفِ؛ أنَّه كان يُوتِرُ بين أذانِ الفَجرِ، وإقامةِ الفَجرِ فإنَّه عَمَلٌ مُخالفٌ لما تقتضيه السُّنَّة، ولا حُجَّةَ في قولِ أحدٍ بعد رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-. فالوِتْرُ ينتهي بطُلوعِ الفَجرِ، فإذا طَلَعَ الفجرُ وأنت لم تُؤتِرْ؛ فلا تُوتِر، لكن ماذا تصنعُ؟ الجواب: تُصلِّي في الضُّحى وِترًا مشفوعًا بركعة، فإذا كان مِن عادتك أن توتر بثلاث صلَّيتَ أربعًا، وإذا كان مِن عادتك أن توتر بخمس فصلِّ ستًا. اهـ. الشرح الممتع (٤/ ١٣). والذي يترجح لي أنه لا يُشْرع للمسلم تعمُّد تأخير الوتر ليصليه بعد الأذان الثاني للصبح؛ لأنه ليس وقتًا له، ولكن من فاته الوتر فإنه يشرع له قضاؤه، وقضاؤه قبل صلاة الصبح أولى؛ لوروده عن كثير من الصحابة والسلف الصالح، ولا يُعلم مَن خالفهم، ولأنه وقتٌ للوتر عند بعض العلماء. (٢) فيصلي الركعتين وهما الشفع، مع الوتر وهو الركعة الواحدة.