وَغَيْرُهُ (١): إنَّمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ فِي الْمَنَامِ، هَكَذَا جَاءَ مفَسَّرًا.
وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أُمِّ الطُّفَيْلِ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا -مِمَّا فِيهِ رُؤْيَةُ رَبِّهِ- إنَّمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ، كَمَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الْأَحَادِيثِ.
وَالْمِعْرَاجُ كَانَ بِمَكَّةَ.
وَقَد ثَبَتَ بِنَصِّ الْقُرْآنِ أَنَّ مُوسَى قِيلَ لَهُ: {لَنْ تَرَانِي} [الأعراف: ١٤٣]، وَأَنَّ رُؤَيةَ اللهِ أَعْظَمُ مِن إنْزَالِ كِتَابٍ مِن السَّمَاءِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً} [النساء: ١٥٣]، فَمَن قَالَ إنَّ أَحَدًا مِن النَّاسِ يَرَاهُ فَقَد زَعَمَ أنه أَعْظَمُ مِن مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ، وَدَعْوَاهُ أعْظَمُ مِن دَعْوَى مَن ادَّعَى أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابًا مِن السَّمَاءِ.
وَالنَّاسُ فِي رُؤْيَةِ اللهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
فَالصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَأَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَ اللهَ يُرَى فِي الْآخِرَةِ بِالْأَبْصَارِ عِيَانًا، وَأَنَّ أَحَدًا لَا يَرَاهُ فِي الدُّنْيَا بِعَيْنِهِ، لَكِنْ يُرَى فِي الْمَنَامِ، ويحْصُلُ لِلْقُلُوبِ مِن الْمُكَاشَفَاتِ وَالْمُشَاهَدَاتِ مَا يُنَاسِبُ حَالَهَا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَوْلُ نفاة الْجَهْمِيَّة أَنَّهُ لَا يُرَى فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ.
وَالثَّالِثُ: قَوْلُ مَن يَزْعُمُ أَنَّهُ يُرَى فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
وَحُلُولِيَّةُ الْجَهْمِيَّة يَجْمَعُونَ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، فَيَقُولُونَ: إنَّهُ لَا يُرَى فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ، وَإِنَّهُ يُرَى فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. [٢/ ٣٣٥ - ٣٣٧]
* * *
(١) الترمذي (٣٢٣٤)، والدارمي (٢١٩٥)، وأحمد (٣٤٨٤)، وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute