للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي الْغُرُوبِ قَالَ: "ثُمَّ اُقْصُرْ عَن الصَّلَاةِ حَتَّى تَغْرُبَ فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ" (١).

وَأَمَّا مُقَارَنَةُ الشَّيْطَانِ لَهَا حِينَ الِاسْتِوَاءِ فَلَيْسَ فِي شَيءٍ مِن الْحَدِيثِ إلَّا فِي حَدِيثِ الصنابحي، قَالَ: "إنَّهَا تَطْلُعُ وَمَعَهَا قَرْنُ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ قَارَنَهَا، ثُمَّ إذَا اسْتَوَتْ قَارَنَهَا، فَإِذَا زَالَتْ قَارَنَهَا، وَإِذَا دَنَتْ لِلْغُرُوبِ قَارَنَهَا، فَإِذَا غَرَبَتْ قَارَنَهَا" (٢).

لَكِن الصنابحي قَد قِيلَ: إنَّهُ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ صُحْبَةٌ فَلَمْ يَسْمَعْ هَذَا مِن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- بِخِلَافِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عبسة فَإِنَّهُ صَحِيحٌ سَمِعَهُ مِنْهُ.

ويُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ عَامَّةَ الْأَحَادِيثِ لَيْسَ فِيهَا إلَّا النَّهْيُ وَقْتَ الطُّلُوعِ وَوَقْتَ الْغُرُوب أَو بَعْدَ الصَّلَاتَيْنِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ نِصْفَ النَّهَارِ نَوْعٌ اَخَرُ لَهُ عِلَّةٌ غَيْرُ عِلَّةِ ذَيْنك الْوَقْتَيْنِ.

وَأَيْضًا: فَإِنَّ ضَبْطَ هَذَا الْوَقْتِ مُتَعَسِّرٌ، فَقَد ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحِ" أَنَّهُ قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدوا بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِن فَيْحِ جَهَنَّمَ" (٣)، وَهَذَا حَدِيثٌ اتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى صِحَّتِهِ وَتَلَقِّيه بِالْقَبُولِ، فَأَخْبَرَ أَنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِن فَيْحِ جَهَنَّمَ وَهَذَا مُوَافِق لِقَوْلِهِ: "فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ"، وَأَمَرَ بِالْإِبْرَادِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا عِنْدَ شِدَّةِ الْحَرِّ؛ لِأَنَّهُ مِن فَيْحِ جَهَنَّمَ.

وَبِالْجُمْلَةِ: جَوَازُ الصَّلَاةِ وَقْتَ الزَّوَالِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى أَصْلِ أَحْمَد أَظْهَرُ مِنْهُ عَلَى أَصْلِ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ يُجَوِّزُ الْجُمُعَةَ وَقْتَ الزَّوَالِ، وَلَا يَجْعَلُ ذَلِكَ وَقْتَ


(١) رواه مسلم (٨٣٢).
(٢) رواه النسائي (٥٥٩)، والبغوي في شرح السُّنَّة (٧٧٦)، وقال: الصنابحي ليس له سماع من النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإنه رحل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في الطريق.
وصحح الألباني الحديث وقال: صحيح إلا قوله: "فإذا استوت قارنها فإذا زالت قارنها".
وهو يُوافق ما جنح إليه الشيخ ورجحه.
(٣) رواه البخاري (٥٣٦)، ومسلم (٦١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>