للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَكونُ مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ وَلَا لِلْجَمَاعَةِ إلَّا بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ، وَمَا دُونَ ذَلِكَ لَا يُعْتَدُّ لَهُ بِهِ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ مُتَابَعَةً لِلْإِمَامِ، وَلَو بَعْدَ السَّلَامِ كَالْمُنْفَرِدِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ. [٢٣/ ٢٤٢ - ٢٤٣]

وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَيْضًا: أَنَّ الْمَرْأَةَ الْحَائِضَ إذَا طَهُرَتْ (١) قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ بِقَدْرِ رَكْعَةٍ لَزِمَهَا الْعَصْرُ، وَإِن طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ بِقَدْرِ رَكْعَةٍ لَزِمَهَا الْعِشَاءُ (٢)، وَإن حَصَلَ ذَلِكَ بِأَقَلَّ مِن مِقْدَارِ رَكْعَةٍ لَمْ يَلْزَمْهَا شَيْءٌ.

وَأَمَّا الظُّهْرُ وَالْمَغْرِبُ: فَهَل يَلْزَمُهَا بِذَلِكَ؟ فِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ؟

فَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ (٣).

وَقِيلَ: يَلْزَمُهَا وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد، وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَد عَن ابْنِ عَبَّاسِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ (٤).

ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فِيمَا تَلْزَمُ بِهِ الصَّلَاةُ الْأُولَى (٥) عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: تَجِبُ بِمَا تَجِبُ بِهِ الثَّانيَةُ.

وَالثَّانِي: لَا تَجِبُ إلَّا بِأَنْ تُدْرَكَ زَمَنًا يَتَّسِعُ لِفِعْلِهَا وَهُوَ أَصَحُّ.

وَقَرِيبٌ مِن هَذَا: اخْتِلَافُهُم فِيمَا إذَا دَخَلَ عَلَيْهَا الْوَقْتُ وَهِيَ طَاهِرَةٌ ثُمَّ حَاضَتْ هَل يَلْزَمُهَا قَضَاءُ الصَّلَاةِ أَمْ لَا؟ (٦) عَلَى قَوْلَيْنِ:


= فَوقَهَا فَإِنَّهُ يُتِمُّ الصَّلَاةَ، وَإِن أدْرَكَ مَعَهُ أَقَلَّ مِن رَكْعَةِ صَلَّاهَا مَقْصُورَةً، نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ، وَهَذَا لِأَنَّهُ بِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ قَد ائْتَمَّ بِمُقِيم فِي جُزْءٍ مِن صَلَاتِهِ فَلَزِمَهُ الْإِتْمَامُ، وَإِذَا لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً فَصَلَاتُهُ صَلَاةُ مُنْفَرِدٍ فَيُصَلِّيهَا مَقْصُورَةً. (٢٣/ ٣٣٣)
(١) وكذا كلّ مَنْ صَارَ أَهْلًا لِوُجُوبِهَا، وأهليَّة الوجوب تكون بالتَّكليف أو زوال المانع، فيصير أهلًا لوجوبها: إذا بلغ قبل خروج الوقت، وإذا عَقِلَ قبل خروج الوقت، وإذا زال الإغماءُ قبل خروج الوقت على قول أن المُغمى عليه لا يقضي الصَّلاة.
وأما زوال المانع: فمثاله: إذا طَهُرت الحائض قبل خروج الوقت. الشرح الممتع (٢/ ١٣٢).
(٢) فيه نظر؛ لأن آخر وقت العشاء نصف الليل، كما رواه مسلم في صحيحه (٦١٢).
(٣) اختاره العلَّامة ابن عثيمين رحمه الله. الشرح الممتع (٢/ ١٣٤).
(٤) اختاره الشيخ رحمه الله كما تقدّم.
(٥) وهي الظُّهْرُ وَالْمَغْرِبُ.
(٦) جاء في الشرح الممتع (٢/ ١٣٤) في انتصاره لمذهب أَبِي حَنِيفَةَ: إن هذا مُقتضى القياس الصَّحيح؛ =

<<  <  ج: ص:  >  >>