ولا يجوز أبدًا أن يتفرق المسلمون، فيكون هذا تبليغي، وهذا سلفي، وهذا إخواني، وهذا جهادي، وهذه جماعة إسلامية، هذا يدخل في قول الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [الأنعام: ١٥٩]، ويكون ارتكابًا لما نهى الله عنه؛ لقول الله تبارك وتعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: ١٠٣]. هؤلاء لم يعتصموا بحبل الله جميعًا وتفرقوا، خالفوا ما أمر الله به، وارتكبوا لما نهى عنه. أنا أعتقد لو أنك سألت أي واحدٍ منهم: هل أنت على حق؟ هل أنت تريد الحق؟ الجواب: بالإيجاب أو بالنفي؟ الجواب بالإيجاب: نعم أنا أعتقد أني على حق، وأريد الحق. قلنا: حسنًا، هل الحق ما تهواه أنت أو ما جاء في الكتاب والسُّنَّة؟ ما جاء في الكتاب والسُّنَّة، فإذا قال: ما أهواه أنا فسلم عليه واتركه، فليس فيه خير. إذا قال: ما جاء في الكتاب والسُّنَّة، قل: تفضل! القرآن مملوء من الأمر بالائتلاف وإزالة الخلاف، وبيان أنه يجب أن نكون أمة واحدة. تعال مع الآخر الذي رميته بأنه مبتدع وأنه ضال، تعال على مائدة البحث والمناقشة، والبحث هو مناقشة مع حسن النية لا بد أن يصل الناس فيه إلى نتيجة .. ولكن ربما يقول: أنا لا أرضى أن يناقشني؛ لأنه خصمي نقول: اختصموا إلى من تثقون به من أهل العلم؛ لأنه لا بد أن يوجد أناس ليسوا من هؤلاء ولا هؤلاء، عليهم أن يقولوا: نحن أمة مسلمة، أمة واحدة ولا يجوز أن نتفرق، ولا يجوز أن يعادي بعضنا بعضًا، وهذا هو الواجب. وإني أقول: إن التفرق باللسان اليوم ربما يكون تفرقًا بالسنان غدًا -نسأل الله العافية-. من دروس وفتاوى الحرم المدني. وقال رَحِمهُ اللهُ في وصيتِه للشباب: أوصيكم ألا يكون همكم وشغلكم الشاغل ما فُتن به بعض الشباب الآن في مسألة التكفير: هل هذا كافر أو مسلم؟ هل هذا الحاكم كافر أو مسلم؟ وإذا حصل أي اختلاف بين الشباب قال: هذا اتركوه هذا مبتدع، هذا إخواني هذا تبليغي، هذا سلفي، وما أشبه ذلك. [سلسلة لقاءات الباب المفتوح]. (١) كأن يدخل في مساهمة لا يعلم جوازها، وكالإمام الراتب، وكمن يُريد الحج، فهؤلاء وغيرهم يجب عليهم أنْ يتعلَّموا أحكام ما أقدموا على فعلِه.