للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَالْحُجَّةُ مَعَ مَن جَعَلَ الْقَصْرَ وَالْفِطْرَ مَشْرُوعًا فِي جِنْسِ السَّفَرِ، وَلَمْ يَخُصَّ سَفَرًا مِن سَفَرٍ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ؛ فَإِنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَةَ قَد أَطْلَقَا السَّفَرَ.

وَلَمْ يُذْكَرْ قَطُّ فِي شَيءٍ مِن نُصُوصِ الْكِتَاب وَالسُّنَّةِ تَقْيِيد السَّفَرِ بِنَوْعٍ دُونَ نَوْعٍ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ مُعَلَّقًا بِأَحَدِ نَوْعَيِ السَّفَرِ وَلَا يُبَيِّنُ اللهُ وَرَسُولُهُ ذَلِكَ؛ بَل يَكُونُ بَيَانُ اللهِ وَرَسُولِهِ مُتَنَاوِلًا لِلنَّوْعَيْنِ.

وَهَكَذَا فِي تَقْسِيمِ السَّفَرِ إلَى طَوِيلٍ وَقَصِيرٍ، وَتَقْسِيمِ الطَّلَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ إلَى بَائِنٍ وَرَجْعِيٍّ (١)، وَتَقْسِيمِ الأيْمَانِ إلَى يَمِينٍ مُكَفِّرَةٍ وَغَيْرِ مُكفِّرَةٍ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا عَلَّقَ اللهُ وَرَسُولُهُ الْحُكْمَ فِيهِ بِالْجِنْسِ الْمُشْتَرَكِ الْعَامِّ فَجَعَلَهُ بَعْضُ النَّاسِ نَوْعَيْنِ: نَوْعًا يَتَعَلَّقُ بِهِ ذَلِكَ الْحُكْمُ، وَنَوْعًا لَا يَتَعَلَّق مِن غَيْرِ دَلَالَةٍ عَلَى ذَلِكَ مِن كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ: لَا نَصًّا وَلَا اسْتِنْبَاطًا.

فَإنْ قِيلَ: فَلَو قَاتَلَ قِتَالًا مُحَرَّمًا هَل يُصَلّي صَلَاةَ الْخَوْفِ؟

قِيلَ: يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ وَلَا يُقَاتِلَ، فَإِنْ كَانَ لَا يَدَعُ الْقِتَالَ الْمُحَرَّمَ فَلَا نُبِيحُ لَهُ تَرْكَ الصَّلَاةِ؛ بَل إذَا صَلَّى صَلَاةَ خَائِفٍ كَانَ خَيْرًا مِن تَرْكِ الصَّلَاةِ بِالْكُلِّيَّةِ. [٢٤/ ١٠٨ - ١١٤]

٢٨١٣ - الْمُسَافِرُ لَمْ يَكن مُسَافِرًا لِقَطْعِهِ مَسَافَةً مَحْدُودَةً وَلَا لِقَطْعِهِ أَيَّامًا


(١) الطلاق الشرعي هو ما كان مرةً بعد مرة، وأما جمع الثنتين أو الثلاث فبدعة وحرام، ولا يقع عند كثير من المحققين كشيخ الإسلام وتلميذه وابن باز وابن عثيمين رحمهم الله تعالى.
وهذا هو الطلاق المشروع في كتاب الله تعالى، وهو الطلاق المرجعي على هذه الصفة وبهذا العدد، أما الطلاق البائن- هو الذي يطلقها بالثلاث بكلمة واحدة عند الجمهور- فلم يرد في كتاب الله، وهو الذي أنكره هؤلاء المحققون وغيرهم.
إلا أن الإمام ابن باز رَحِمهُ اللهُ قال: إن طلاق الثلاث لا يقع إذا طلقها بالثلاث بكلمة واحدة، وهكذا لو قال: طالق، طالق، طالق، ولم ينو الثلاث، فإنه يعتبر واحدة ويكون لفظ الثانية والثالثة تأكيدًا للفظ الأول.
أما إذا طلقها بالثلاث بألفاظ متعددة، بأنْ قال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، ولم ينو إفهامًا، ولا تأكيدًا، وهي في طهر لم يجامعها فيه، أو في حال الحمل، فإنه يعتبر الثلاث. ا هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>