تَمَاثُلَ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْإِضَافَةِ وَالتَّخْصِيصِ، فَضْلًا عَن أَنْ يَتَّحِدَ مُسَمَّاهُمَا عِنْدَ الْإِضَافَةِ وَالتَّخْصِيصِ.
فَقَد سَمَّى اللهُ نَفْسَهُ حَيًّا فَقَالَ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: ٢٥٥]، وَسَمَّى بَعْضَ عِبَادهِ حَيًّا فَقَالَ: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} [يونس: ٣١].
وَلَيْسَ هَذَا الْحَي مِثْل هَذَا الْحَيِّ؛ لِأنَّ قَوْلَهُ الْحَيَّ اسْمٌ للهِ مُخْتَصٌّ بِهِ، وَقَوْلَهُ: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} [الروم: ١٩] اسْمٌ لِلْحَيِّ الْمَخْلُوقِ مُخْتَصٌّ بِهِ، وَإِنَّمَا يَتَّفِقَانِ إذَا أُطْلِقَا وَجُرِّدَا عَن التَّخْصِيصِ.
وَكَذَلِكَ سَمَّى اللهُ نَفْسَهُ عَلِيمًا حَلِيمًا، وَسَمَّى بَعْضَ عِبَادِهِ عَلِيمًا فَقَالَ: {وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ} [الذاريات: ٢٨]؛ يَعْنِي: إسْحَاقَ، وَسَمَّى آخَرَ حَلِيمًا فَقَالَ: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (١٠١)} [الصافات: ١٠١]؛ يَعْنِي: إسْمَاعِيلَ، وَلَيْسَ الْعَلِيمُ كَالْعَلِيمِ، وَلَا الْحَلِيمُ كَالْحَلِيمِ.
وَسَمَّى نَفْسَهُ الْجَبَّارَ الْمُتَكَبِّرَ، وَسَمَّى بَعْضَ خَلْقِهِ بِالْجَبَّارِ الْمُتَكَبِّرِ، قَالَ: {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} [غافر: ٣٥]، وَلَيْسَ الْجَبَّارُ كَالْجَبَّارِ، وَلَا الْمُتَكَبِّرٌ كَالْمُتَكَبِّرِ، وَنَظَائِرُ هَذَا مُتَعَدِّدَةٌ.
وَكَذَلِكَ سَمَّى صِفَاتِهِ بِأَسْمَاء، وَسَمَّى صِفَاتِ عِبَادِهِ بِنَظِيرِ ذَلِكَ، فَقَالَ: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة: ٢٥٥]، وَقَالَ: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (٥٨)} [الذاريات: ٥٨] .. وَسَمَّى صفَةَ الْمَخْلُوقِ عِلْمًا وَقُوَّةً فَقَالَ: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: ٨٥]، وَقَالَ: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: ٧٦].
وَهَكَذَا وَصَفَ نَفْسَهُ بِالْغَضَبِ فَقَالَ: {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ} [الفتح: ٦]، وَوَصَفَ عَبْدَهُ بِالْغَضَبِ فِي قَوْلِهِ: {فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا} [طه: ٨٦]، وَليسَ الْغَضَبُ كَالْغَضَبِ .. وَنَظَائِرُ هَذَا كَثِيرَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute