للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٨٥٤ - لَمْ يَكُن أَحَدٌ يُصَلِّي صَلَاةَ الْعِيدِ بِالْمَدِينَةِ إلَّا مَعَهُ - صلى الله عليه وسلم -، كَمَا لَمْ يَكُونُوا يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ إلَّا مَعَهُ، وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ مَسَاجِدُ كَثِيرَةٌ لِكُلِّ دَارٍ مِن دُورِ الْأَنْصَارِ مَسْجِدٌ، وَلَهُم إمَامٌ يُصَلِّي بِهِمْ، وَالْأَئِمَّةُ يُصَلُّونَ بِهِم الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَلَمْ يَكُونُوا يُصَلُّونَ بِهِم لَا جُمُعَة وَلَا عِيدًا.

فَعُلِمَ أَنَّ الْعِيدَ كَانَ عِنْدَهُم مِن جِنْسِ الْجُمُعَةِ لَا مِن جِنْسِ التَّطَوُّعِ الْمُطْلَقِ، وَلَا مِن جِنْسِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَقَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ تَطَوُّعٌ: مَمْنُوعٌ.

فَالْقَادِرُ يَخْرُجُ، وَالنِّسَاءُ قَادِرَاتٌ عَلَى الْخُرُوجِ فَيَخْرُجْنَ وَلَا يُصَلِّينَ وَحْدَهُنَّ، وَكَذَلِكَ مَن كَانَ مِنَ الْمُسَافِرِينَ فِي الْبَلَدِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُم أَنْ يُصَلُّوا مَعَ الْإِمَامِ فَلَا يُصَلُّونَ وَحْدَهُم بِإِمَام، بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُم إذَا لَمْ يُصَلُّوهَا صَلَّوْا وَحْدَهُمْ، وَإِذَا كَانُوا فِي بُيُوتِهِمْ صَلَّوْا بِإِمَامٍ كَمَا يُصَلُّونَ فِي الصَّحْرَاءِ.

وَأَمَّا مَن كَانَ يَوْمَ الْعِيدِ مَرِيضًا أَو مَحْبُوسًا وَعَادَتُهُ يُصَلِّي الْعِيدَ فَهَذَا لَا يُمْكِنُهُ الْخرُوجُ، فَهَؤُلَاءِ بِمَنْزِلَةِ الَّذِينَ اسْتَخْلَفَ عَلِيٌّ مَن يُصَلِّي بِهِم فَيُصَلُّونَ


= ولو قضاها كراتبة من الرواتب فجائز؛ لأن كونها على صفتها على سبيل الأفضلية وليس بواجب.
والدليل على سنيّة القضاء قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها اذا ذكرها".
ولكن في هذا الاستدلال نظر؛ لأن المراد بالحديثين الفريضة، أما هذه فصلاة مشروعة على وجه الاجتماع، فإذا فاتت فإنها لا تقضى إلا بدليل يدل على قضائها إذا فاتت، ولهذا إذا فاتت الرجل صلاة الجمعة لم يقضها، وإنما يصلي فرض الوقت وهو الظهر.
ولهذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رَحِمهُ اللهُ إلى أنها لا تقضى إذا فاتت، وأن من فاتته، فلا يسنّ له أن يقضيها؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ولأنها صلاة ذات اجتماع معين، فلا تشرع إلا على هذا الوجه.
فإن قال قائل: أليست الجمعة ذات اجتماع على وجه معين، ومع ذلك تقضى؟
فالجواب: الجمعة لا تقضى، وإنما يصلى فرض الوقت، وهو الظهر، وصلاة العيد أيضًا نقول: فات الاجتماع فلا تُقْضَى، وليس لهذا الوقت فرضٌ ولا سنّةٌ أيضًا.
فهي صلاة شُرعت على هذا الوجه، فإن أدركها الإنسان على هذا الوجه صلاها، وإلا فلا. اهـ. يُنظر: الشرح الممتع (٥/ ١٥٥ - ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>