وَأَمَّا مَن كَانَ مُظْهِرًا لِلْفِسْقِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْإِيمَانِ كَأَهْلِ الْكَبَائِرِ فَهَؤُلَاءِ لَا بُدَّ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِم بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ.
وَمَنِ امْتَنَعَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى أَحَدِهِمْ زَجْرًا لِأَمْثَالِهِ عَن مِثْل مَا فَعَلَهُ كَمَا امْتَنَعَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ، وَعَلَى الْغَالِّ، وَعَلَى الْمَدِينِ الَّذِي لَا وَفَاءَ لَهُ، وَكَمَا كَانَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ يَمْتَنِعُونَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى أَهْلِ الْبِدَع - كَانَ عَمَلُهُ بِهَذِهِ السُّنَّةِ حَسَنًا.
وَهَذَا مِن جِنْسِ هَجْرِ الْمُظْهِرِينَ لِلْكَبَائِرِ حَتَّى يَتُوبُوا، فَإِذَا كَانَ فِي ذَلِكَ مِثْلُ هَذِهِ الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ كَانَ ذَلِكَ حَسَنًا.
وَمَن صَلَّى عَلَى أَحَدِهِمْ يَرْجُو لَهُ رَحْمَةَ اللهِ وَلَمْ يَكُن فِي امْتِنَاعِهِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ كَانَ ذَلِكَ حَسَنًا.
وَلَو امْتَنَعَ فِي الظَّاهِرِ وَدَعَا لَهُ فِي الْبَاطِنِ لِيَجْمَعَ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ كَانَ تَحْصِيلُ الْمَصْلَحَتَيْنِ أَوْلَى مِن تَفْوِيتِ إحْدَاهُمَا.
وَكُلُّ مَن لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ النِّفَاقُ وَهُوَ مُسْلِمٌ يَجُوزُ الِاسْتِغْفَارُ لَهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ بَل يُشْرَعُ ذَلِكَ وَيُؤْمَرُ بِهِ. [٢٤/ ٢٨٥ - ٢٨٦]
٢٨٨٢ - ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ امْتَنَعَ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى مَن عَلَيْهِ دَيْنٌ حَتَّى يُخَلِّفَ وَفَاءً قَبْلَ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِن وَفَاءِ الدَّيْنِ عَنْهُ، فَلمَّا تَمَكَّنَ صَارَ هُوَ يُوَفِّيهِ مِن عِنْدِهِ فَصَارَ الْمَدِينُ يُخَلِّفُ وَفَاءَ.
هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا رَوَاهُ أبُو مُوسَى عَنْه: "إنَّ أَعْظَمَ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللهِ أَنْ يَلْقَاهُ عَبْدٌ بِهَا بَعْدَ الْكَبَائِرِ الَّتِي نَهَى عَنْهَا اُّنْ يَمُوتَ الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ دَيْن لَا يَدَعُ قَضَاءً" رَوَاهُ أَحْمَد (١).
(١) في المسند (١٩٤٩٥)، وأبو داود (٣٣٤٢)، وضعَّفه الألباني.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute