للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْأَظْهَرُ فِي هَذَا: أَنَّ إخْرَاجَ الْقِيمَةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا مَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ مَمْنُوعٌ مِنْهُ، وَلهَذَا قَدَّرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- الْجُبْرَانَ بِشَاتَيْنِ أَو عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَلَمْ يَعْدِلْ إلَى الْقِيمَةِ.

وَأَمَّا إخْرَاجُ الْقِيمَةِ لِلْحَاجَةِ أَو الْمَصْلَحَةِ أَو الْعَدْلِ فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ مِثْلُ أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ بُسْتَانِهِ أو زَرْعِهِ بِدَرَاهِمَ، فَهُنَا إخْرَاجُ عُشْرِ الدَّرَاهِمِ يُجْزِئُهُ وَلَا يُكَلَّفُ أَنْ يَشْتَرِيَ ثَمَرًا أَو حِنْطَةً، إذ كَانَ قَد سَاوَى الْفُقَرَاءَ بِنَفْسِهِ، وَقَد نَصَّ أَحْمَد عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ.

وَمِثْلُ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ شَاةٌ فِي خَمْسٍ مِنَ الْإِبِل وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَن يَبِيعُهُ شَاةً فَإِخْرَاجُ الْقِيمَةِ هُنَا كَافٍ وَلَا يُكَلَّفُ السَّفَرَ إلَى مَدِينَةٍ أُخْرَى لِيَشْتَرِيَ شَاةً.

وَمِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَحِقُّونَ لِلزَّكَاةِ طَلَبُوا مِنْهُ إعْطَاءَ الْقِيمَةِ لِكَوْنِهَا أَنْفَعَ فَيُعْطِيهِمْ إيَّاهَا، أَو يَرَى السَّاعِي أَنَ أَخْذَهَا أَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ، كَمَا نُقِلَ عَن مُعَاذ بْن جَبَلٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لِأَهْلِ الْيَمَنِ: "ائْتُونِي بخَمِيص أَو لَبِيسٍ أَسْهَلُ عَلَيْكُمْ وَخَيْرٌ لِمَن فِي الْمَدِينَةِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأنْصَارِ" (١). [٢٥/ ٨٢ - ٨٣]

٣٠١٧ - إسْقَاطُ الدَّيْنِ عَنِ الْمُعْسِرِ: لَا يُجْزِئُ عَن زَكَاةِ الْعَيْنِ بِلَا نِزَاعٍ (٢).

لَكِنْ إذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَن يَسْتَحِقُّ الزَّكَاةَ: فَهَل يَجُوزُ أَنْ يُسْقِطَ عَنْهُ قَدْرَ زَكَاةِ ذَلِكَ الذَيْنِ وَيَكُونُ ذَلِكَ زَكَاةَ ذَلِكَ الدَّيْنِ؟ (٣)

فَهَذَا فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ، أَظْهَرُهُمَا الْجَوَازُ؛ لأنَّ الزَّكَاةَ مَبْنَاهَا عَلَى الْمُوَاسَاةِ، وَهُنَا قَد أَخْرَجَ مِن جِنْسِ مَا يَمْلِكُ، بِخِلَافِ مَا إذَا


(١) رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم.
(٢) صورتها: رجل له مدين فقير يطلبه ألف ريال، وكان على هذا الطالب ألف ريال زكاة، فلا يجوز أن يسقط الدائن عن المدين الألف ريال الذي عليه بنية الزكاة.
(٣) صورتها: رجلٌ له مدين فقير يطلبه ثلاثة آلاف ريال، وحال عليها الحول، فيجوز أن يسقط الدائن عن المدين قدر زكاة ذلك الدين. وهذا على القول بوجوب زكاة الدين إذا كان عند معسر.

<<  <  ج: ص:  >  >>