وَقَالَ طَائِفَةٌ مِن السَّلَفِ وَالْخَلَفِ: بَل يَقْصُرُ وَيُفْطِرُ فِي أَقَلِّ مِن يَوْمَيْنِ، وَهَذَا قَوْلٌ قَوِيٌّ، فَإِنَّهُ قَد ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُصَلِّي بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنَى يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَخَلْفُهُ أَهْلُ مَكَّةَ وَغَيْرُهُم يُصَلُّونِ بِصلَاتِهِ، لَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا مِنْهُم بِإِتْمَامِ الصَّلَاةِ.
وَإِذَا سَافَرَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ فَهَل يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورينِ لِلْعُلَمَاءِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَن أَحْمَد، أَظْهَرُهُمَا: أَنَّهُ يَجُوز ذَلِكَ، كمَا ثَبَتَ فِي "السُّنَنِ" أَنَّ مِن الصَّحَابَةِ مَن كَانَ يُفْطِرُ إذَا خَرَجَ مِن يَوْمِهِ. [٢٥/ ٢١١ - ٢١٢]
٣٠٧٧ - يُفْطِرُ مَن عَادَتُهُ السَّفَرُ إذَا كَانَ لَهُ بَلَدٌ يَأْوِي إلَيْهِ؛ كَالتَّاجِرِ الْجَلَّابِ الَّذِي يَجْلِبُ الطَّعَامَ وَغَيْرَهُ مِن السِّلَعِ، وَكَالْمُكَارِي الَّذِي يَكرِي دَوَابَّهُ مِن الْجُلَّابِ وَغَيْرِهِمْ، وَكَالْبَرِيدِ الَّذِي يُسَافِرُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِهِمْ، وَكَذَلِكَ الْمَلَّاحُ الَّذِي لَهُ مَكَانٌ فِي الْبَرِّ يَسْكُنُهُ.
فَأَمَّا مَن كَانَ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ امْرَأَتُهُ وَجَمِيعُ مَصَالِحِهِ وَلَا يَزَالُ مُسَافِرًا: فَهَذَا لَا يَقْصُرُ وَلَا يُفْطِرُ.
وَأهْلُ الْبَادِيَةِ: كَأَعْرَابِ الْعَرَبِ وَالْأَكْرَادِ وَالتُّرْكِ وَغَيْرِهِمْ الَّذِينَ يُشَتُّونَ فِي مَكَانٍ وَيُصَيِّفُونَ فِي مَكَانٍ إذَا كَانُوا فِي حَالِ ظَعْنِهِمْ مِن الْمَشْتَى إلَى الْمَصِيفِ وَمِن الْمَصِيفِ إلَى الْمَشْتَى: فَإِنَّهُم يَقْصُرُونَ.
وَأَمَّا إذَا نَزَلُوا بِمَشْتَاهُم وَمَصِيفِهِمْ لَمْ يُفْطِرُوا وَلَمْ يَقْصُرُوا، وَإِن كَانُوا يَتَتَبَّعُونَ الْمَرَاعِيَ. [٢٥/ ٢١٣]
٣٠٧٨ - الْمُسَافِرُ: يُفْطِرُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَإِن لَمْ يَكُن عَلَيْهِ مَشَقَّةٌ وَالْفِطْرُ لَهُ أَفْضَلُ، وَإِن صَامَ جَازَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ. [٢٥/ ٢١٤]
٣٠٧٩ - إذَا رَأَى هِلَالَ الصَّوْمِ وَحْدَهُ أَو هِلَالَ الْفِطْرِ وَحْدَهُ فَهَل عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ بِرُؤْيَةِ نَفْسِهِ؟ أَو يُفْطِرَ بِرُؤْيَةِ نَفْسِهِ؟ أَمْ لَا يَصُومُ وَلَا يُفْطِرُ إلَّا مَعَ النَّاسِ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ هِيَ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ عَن أَحْمَد:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute