للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أ- الْإِحْسَانَ إلَى الْمَحْجُوجِ عَنْهُ.

ب- أَو نَفْسَ الْحَجِّ لِنَفْسِهِ.

وَذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّ عَن الْمَيِّتِ إنْ كَانَ فَرضًا فَذِمَّتُهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ، فَالْحَجُّ عَنْهُ إحْسَانٌ إلَيْهِ بِإِبْرَاءِ ذِمَّتِهِ بِمَنْزِلَةِ قَضَاءِ دَيْنهِ.

وَعَلَامَةُ ذَلِكَ: أَنْ يَطْلُبَ مِقْدَارَ كِفَايَةِ حَجِّهِ، وَلهَذَا جَوَّزنا نَفَقَةَ الْحَجِّ بِلَا نِزَاعٍ.

وَكَذَلِكَ لَو وَصَّى بِحَجَّةٍ مُسْتَحَبَّةٍ وَأَحَبَّ إيصَالَ ثَوَابِهَا إلَيْهِ.

وَالْمَوْضِع الثَّانِي: إذَا كَانَ الرَّجُلُ مُؤْثِرًا أَنْ يَحُجَّ مَحَبَّةً لِلْحَجِّ وَشَوْقًا إلَى الْمَشَاعِرِ وَهُوَ عَاجِزٌ فَيَسْتَعِينُ بِالْمَالِ الْمَحْجُوجِ بِهِ عَلَى الْحَجِّ، وَهَذَا قَد يُعْطَى الْمَالَ لِيَحُجَّ بِهِ لَا عَن أَحَدٍ، كَمَا يُعْطَى الْمُجَاهِدُ الْمَالَ لِيَغْزُوَ بِهِ فَلَا شُبْهَةَ فِيهِ؛ فَيَكُونُ لِهَذَا أَجْرُ الْحَجِّ بِبَدَنِهِ، وَلهَذَا أَجْرُ الْحَجِّ بِمَالِهِ، كَمَا فِي الْجِهَادِ فَإِنَّهُ مَن جَهَّزَ غَازِيًا فَقَد غَزَا.

وَقَد يُعْطَى الْمَالَ لِيَحُجَّ بِهِ عَن غَيْرِهِ، فَيَكُونُ مَقْصُودُ الْمُعْطِي الْحَجَّ عَن الْمُعْطَى عَنْهُ، وَمَقْصُودُ الْحَاجِّ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِن الْأَجْرِ بِنَفْسِ الْحَجِّ، لَا بِنَفْسِ الْإِحْسَانِ إلَى الْغَيْرِ.

فَهَاتَانِ صُورَتَانِ مُسْتَحَبَّتَانِ وَهُمَا الْجَائِزَتَانِ مِن أَنْ يَأْخُذَ نَفَقَةَ الْحَجِّ وَيَرُدَّ الْفَضْلَ.

وَأَمَّا إذَا كَانَ قَصْدُهُ الِاكْتِسَابَ بِذَلِكَ وَهُوَ أَنْ يَسْتَفْضِلَ مَالًا: فَهَذَا صُورَةُ الْإِجَارَةِ وَالْجَعَالَةِ، وَالصَّوَابُ أَنَّ هَذَا لَا يُسْتَحَبُّ وَإِن قِيلَ بِجَوَازِهِ؛ لِأنَّ الْعَمَلَ الْمَعْمُولَ لِلدُّنْيَا لَيْسَ بِعَمَلٍ صَالِحٍ فِي نَفْسِهِ إذَا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ إلَّا الْمَالُ فَيَكُونُ مِن نَوْعِ الْمُبَاحَاتِ، وَمَن أَرَادَ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ فَلَيْسَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن خَلَاقٍ.

وَنَحْنُ إذَا جَوَّزنى الْإِجَارَةَ وَالْجَعَالَةَ عَلَى أَعْمَالِ الْبِرِّ الَّتِي يَخْتَصُّ أَنْ يَكونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>