للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمَعْلُومٌ أَنَّهُم أَفْضَلُ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ، وَلَا حَجَّةَ تَكُونُ أَفْضَلَ مِن حَجَّةِ أَفْضَلِ الْأُمَّةِ مَعَ أَفْضَلِ الْخَلْقِ بِأَمْرِهِ.

فَكَيْفَ يَكُونُ حَجُّ مَن حَجَّ مُفْرِدًا وَاعْتَمَرَ عَقِبَ ذَلِكَ، أَو قَارِنًا وَلَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ (١): أَفْضَلَ مِن حَجِّ هَؤُلَاءِ مَعَهُ بِأَمْرِهِ، وَكَيْفَ يَنْقُلُهُم عَنِ الْأَفْضَلِ إلَى الْمَفْضُولِ، وَأَمْرُهُ أَبْلَغُ مِن فِعْلِهِ؟ [٢٦/ ٨٥ - ٨٦]

٣١٨٦ - كَلَامُهُ؛ [أي: الإمام أحمد] إنَّمَا كَانَ فِي أَيِّهِمَا أَفْضَلُ: أَنْ يَسُوقَ وَيقْرِنَ، أَو يَتَمَتَّعَ وَلَا يَسُوقَ؟

لِأَنَّهُ إذَا سَاقَ الْهَدْيَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ (٢)، فَهَذَا مِمَّا يَخْتَلِفُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ لِأَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "لَو اسْتَقْبَلْت مِن أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت لَمَا سُقْت الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتهَا عُمْرَةً" (٣): هَل كَانَ لِأَنَّ التَّحَلُّلَ بِعُمْرَةٍ أَفْضَلُ مِن الْقِرَانِ أَمْ لَا؟

مُوَافَقَةً لِأَصْحَابِهِ لَمَّا أَمَرَهُم بِالتَّحَلُّلِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ.

فَهَذَا مَوْرِدُ اجْتِهَادٍ.

وَلَمْ يَخْتَلِفْ كَلَامُ أَحْمَد أَنَّ مَن لَمْ يَسُق الْهَدْيَ وَقَدِمَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَالتَّمَتُّعُ أفْضَلُ لَهُ.

وَحِيَنئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُتَمَتِّعِ وَالْقَارِنِ عِنْدَ أَحْمَد إلَّا فِي شَيْئَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَارِنَ يَكُونُ قَد أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ الطَّوَافِ، سَوَاءٌ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ، أَو أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ، بِأَنَّهُ فِي كِلَيْهِمَا قَارِنٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ.

وَأَمَّا الْمُتَمَتِّعُ التَّمَتُّعَ الْخَاصَّ: فَإِنَّهُ يُؤَخّرُ إحْرَامَهُ بِالْحَجِّ إلَى مَا بَعْدَ قَضَاءِ العُمْرَةِ.


(١) أما إذا ساق الهدي فالقران أفضل بلا شك، وسيأتي إن شاء الله تعالى أن الشيخ اختار أن الأفضل للحاج أن يسوق الهدي ويقرن.
(٢) حَتَّى يَنْحَرَ الْهَدْيَ يَوْمَ النَّحْرِ.
(٣) أخرجه البخاري (٧٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>