وَكَذَلِكَ لَا يَلْبَسُ الْجُبَّةَ وَلَا الْقَبَاءَ الَّذِي يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِيهِ .. وَأَمْثَالُ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ.
وَأمَّا إذَا طَرَحَ الْقَبَاءَ عَلَى كَتِفَيْهِ مِن غَيْرِ إدْخَالِ يَدَيْهِ فَفِيهِ نِزَاعٌ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْفُقَهَاءِ: لَا يُلْبَسُ.
وَالْمَخِيطُ: مَا كَانَ مِنَ اللِّبَاسِ عَلَى قَدْرِ الْعُضْوِ، وَكَذَلِكَ لَا يَلْبَسُ مَا كَانَ فِي مَعْنَى الْخُفِّ: كَالْمُوقِ وَالْجَوْرَبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا يَلْبَسُ مَا كَانَ فِي مَعْنَى السَّرَاوِيلِ؛ كَالتّبَّانِ وَنَحْوِهِ.
وَلَهُ أَنْ يَعْقِدَ مَا يَحْتَاج إلَى عَقْدِهِ كَالْإِزَارِ وَهِمْيَانِ النَّفَقَةِ.
وَالرِّدَاءُ لَا يَحْتَاجُ إلَى عَقْدِهِ فَلَا يَعْقِدُهُ، فَإِن احْتَاجَ إلَى عَقْدِهِ فَفِيهِ نِزَاعٌ، وَالْأَشْبَهُ جَوَازُهُ حِينَئِذٍ.
وَهَل الْمَنْعُ مِن عَقْدِهِ مَنْعُ كَرَاهَةٍ أَو تَحْرِيمٍ؟ فَفِيهِ نِزَاعٌ، وَلَيْسَ عَلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ دَلِيلٌ.
وَأَمَّا الرَّأْسُ فَلَا يُغَطِّيهِ لَا بِمَخِيطٍ وَلَا غَيْرِهِ.
وَأمَّا الْمَرْأَة فَإِنَّهَا عَوْرَةٌ، فَلِذَلِكَ جَازَ لَهَا أَنْ تَلْبَسَ الثِّيَابَ الَّتِي تَسْتَتِرُ بِهَا وَتَسْتَظِلُّ بِالْمَحْمَلِ، لَكِنْ نَهَاهَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ تَنْتَقِبَ أَو تَلْبَسَ الْقُفَّازَيْنِ، وَالْقُفَّازَانِ: غِلَافٌ يُصْنَعُ لِلْيَدِ.
وَلَو غَطَّتِ الْمَرْأَةُ وَجْهَهَا بِشَيْءٍ لَا يَمَسُّ الْوَجْهَ جَازَ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِن كَانَ يَمَسُّهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوز أَيْضًا.
وَلَا تُكَلَّفُ الْمَرْأَةُ أَنْ تجَافِيَ سُتْرَتَهَا عَنِ الْوَجْهِ لَا بِعُود وَلَا بِيَد وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ.
وَلَمْ يَنْقلْ أَحَد مِن أَهْلِ الْعِلْمِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "إحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا" (١) وَإِنَّمَا هَذَا قَوْلُ بَعْضِ السَّلَفِ، لَكِنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- نَهَاهَا أَنْ تَنْتَقِبَ أَو
(١) ضعَّفه الألباني في ضعيف الجامع (٤٨٩٤).