للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقالت طائفة منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره: الذي يرجح أنه إنما صلى بمنى وجوه:

أحدها: أنه لو صلى الظهر بمكة لأناب عنه في إمامة الناس بمنى إمامًا يصلي بهم الظهر بمنى نائب له ولا ينقله أحد، فقد نقل الناس نيابة عبد الرحمن بن عوف لما صلى بهم الفجر في السفر، ونيابة الصديق لما خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلح بين بني عمرو بن عوف، ونيابته في مرضه، ولا يحتاج إلى ذكر من صلى بهم بمكة؛ لأن إمامهم الراتب الذي كان مستمرًّا على الصلاة قبل ذلك وبعده هو الذي كان يصلي بهم.

الثاني: أنه لو صلى بهم في مكة لكان أهل مكة مقيمين فكان يتعين عليهم الإتمام، ولم يقل لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر" (١) كما قاله في غزوة الفتح.

الثالث: أنه يمكن اشتباه الظهر المقصورة بركعتي الطواف، ولا سيما والناس يصلونهما معه ويقتدون به فيهما فظنهما الرائي الظهر، وأما صلاته بمنى والناس خلفه فهذه لا يمكن اشتباهها بغيرها أصلًا، لا سيما وهو -صلى الله عليه وسلم- كان إمام الحاج الذي لا يصلي لهم سواه، فكيف يدعهم بلا إمام يصلون أفرادًا ولا يقيم لهم من يصلي بهم؟ هذا في غاية البعد. [المستدرك ٣/ ١٩٥ - ١٩٦]

٣٢٣٤ - مِمَّا قَد يَغْلَطُ فِيهِ النَّاسُ: اعْتِقَادُ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ صَلَاةُ الْعِيدِ بِمِنَى يَوْمَ النَّحْر .. فَإِنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَخُلَفَاءَهُ لَمْ يُصَلُّوا بِمِنَى عِيدًا قَطُّ، وَإِنَّمَا صَلَاةُ الْعِيدِ بِمِنَى هِيَ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ، فَرَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لِأَهْلِ الْمَوْسِمِ بِمَنْزِلَةِ صَلَاةِ الْعِيدِ لِغَيْرِهِمْ، وَلِهَذَا اسْتَحَبَّ أَحْمَد أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ أَهْلِ الْأَمْصَارِ وَقْتَ النَّحْرِ بِمِنَى، وَلهَذَا خَطَبَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الْجَمْرَةِ كَمَا كَانَ يَخْطُبُ فِي غَيْرِ مَكَّةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَرَمْيِ الْجَمْرَةِ تَحِيَّةَ مِنَى كَمَا أَنَّ الطَّوَافَ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. [٢٦/ ١٧٠ - ١٧١]


(١) رواه أبو داود (١٢٢٩)، وضعَّفه الألباني في ضعيف أبي داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>