للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهَذَا النَذْرِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأكْثَرِينَ.

وَالثانِي: لَا يَجِبُ وَهُوَ قَوْلُ أبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّ مِن أَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِالنَّذْرِ إلَّا مَا كَانَ جِنْسُهُ وَاجِبًا بِالشَّرْعِ.

وَأَمَّا الْأكْثَرُونَ فَيَحْتَجُّونَ بِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (١) فِي "صَحِيحِهِ" عَن عَائِشَةَ -رضي الله عنها- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "مَن نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَن نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللهَ فَلَا يَعْصِهِ" فَأَمَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِالْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ لِكلِّ مَن نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَنْ تكُونَ الطَّاعَةُ مِن جِنْسِ الْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّ.

وَهَكَذَا النِّزَاعُ لَو نَذَرَ السَّفَرَ إلَى مَسْجِدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مَعَ أَنَّه أَفْضَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى.

وَأَمَّا لَو نَذَرَ إتْيَانَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِحَجِّ أَو عُمْرَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِنَذْرِهِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.

وَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ أَفْضَلُ الْمَسَاجِدِ، وَيلِيهِ مَسْجِدُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَيَلِيهِ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى، وَقَد ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ (٢) عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّهُ قَالَ: "صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِن أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ".

وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-.

وَقَد رَوَى أَحْمَد وَالنّسَائِي وَغَيْرُهُمَا عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "أَن الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ ألْفِ صَلَاةٍ" (٣).

وَأمَّا فِي الْمَسْجِدِ الْأقْصَى فَقَد رُوِيَ: "أنَّهَا بِخَمْسِينَ صَلَاةٍ" وَقِيلَ: "بِخَمْسِمِائَةِ صَلَاةٍ" وَهُوَ أَشْبَهُ.


(١) (٦٧٠٠).
(٢) البخاري (١١٣٣)، ومسلم (٢٤٦٥).
(٣) صحَّحه الألباني في الإرواء (١١٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>