فعل ذلك لأفضى إلى الهرج والفساد؛ لأنَّ كلَّ واحد يضرب غيره ويدعي أنه استحق ذلك؛ فهذا مما ينبغي أن يقتصر فيه على ولي الأمر المطاع كالسلطان ونوابه.
وإنما الخلاف فيما إذا غلب على ظن الرجل أن أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر لا يطاع فيه هل يجب عليه حينئذٍ؟ على قولين: أصحهما: أنه يجب وإن لم يقبل منه إذا لم يكن مفسدة الأمر راجحة على مفسدة الترك، كما بقي نوح عليه السلام ألف سنة إلا خمسين عامًا ينذر قومه، ولما قالت الأمة من أهل القرية الحاضرة البحر لواعظي الذين يعدون في السبت: {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (١٦٤)} [الأعراف: ١٦٤] أي: نقيم عذرنا عند ربنا، وليس هداهم علينا، بل الهداية إلى الله. [مختصر الفتاوى المصرية ٥٨٠]
٣٣٠٨ - من لم بحب ما أحبه الله وهو المعروف وببغض ما أبغضه الله تعالى وهو المنكر: لم يكن مؤمنًا، فلهذا لم يكن وراء إنكار المنكر بالقلب حبة خردل من إيمان.
لكن من الناس من ينكر بعض الأمور دون بعض؛ فيكون في قلبه إيمان ونفاق، كما ذكر ذلك من ذكره من السلف حيث قالوا: القلوب أربعة:
أ- قلب أجرد فيه سراج يزهر، فذلك قلب المؤمن.
ب- وقلب أغلف، فهو قلب الكافر.
ت- وقلب منكوس، فذلك قلب المنافق.
ج- وقلب فيه مادتان، مادة تمده بالإيمان، ومادة تمده بالنفاق، فذلك خلط عملًا صالحًا وآخر سيِّئًا. [مختصر الفتاوى المصرية ٥٨٠]
٣٣٠٩ - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية، فإذا غلب على ظنه أن غيره لا يقوم به تعيِّن عليه ووجب عليه ما يقدر عليه من ذلك؛ فانْ تركه