للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَتَدَبَّرْ هَذَا؛ فَإِنَّ هَذَا مَقَائم خَطِرٌ؛ فَإِنَّ النَّاسَ هُنَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:

أ- قِسْمٌ يَأْمُرُونَ وَينْهَوْنَ وَيُقَاتِلُونَ؛ طَلَبًا لِإِزَالَةِ الْفِتْنَةِ الَّتِي زَعَمُوا، وَيكُونُ فِعْلُهُم ذَلِكَ أَعْظَمَ فِتْنَةَ؛ كَالْمُقْتَتِلِينَ فِي الْفِتْنَةِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَ الْأُمَّةِ.

ب- وَأقْوَامٌ يَنْكُلُونَ عَن الْأمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْقِتَالِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ، وَتَكُونُ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا؛ لِئَلَّا يُفْتَنوا، وَفم قَد سَقَطُوا فِي الْفِتْنَةِ.

وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ عَلَيْهِم الْقِيَامُ بِالْوَاجِبِ وَتَرْكُ الْمَحْظُورِ، وَهُمَا مُتَلَازِمَانِ (١). [٢٨/ ١٦٥ - ١٦٧]

٣٣٣٩ - قَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩]، وَأُولُو الْأمْرِ: أَصْحَابُ الْأَمْرِ وَذَوُوه، وَهُم الَّذِينَ يَأْمُرُونَ النَّاسَ، وَذَلِكَ يَشْتَرِكُ فِيهِ أَهْلُ الْيَدِ وَالْقُدْرة وَأَهْلُ الْعِلْمِ وَالْكلَامِ؛ فَلِهَذَا كَانَ أُولُو الْأمْرِ صِنْفَيْنِ: الْعُلَمَاءُ وَالأُمَرَاءُ.

فَإِذَا صَلَحُوا صَلَحَ النَّاسُ وَإِذَا فَسَدُوا فَسَدَ النَّاسُ؛ كَمَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ -رضي الله عنه- للأحمسية لَمَّا سَأَلَتْهُ: مَا بَقَاؤُنَا عَلَى هَذَا الْأمْرِ؟ قَالَ: مَا اسْتَقَامَتْ لَكُمْ أَئِمَّتكُمْ.

ويدْخُلُ فِيهِم الْمُلُوكُ وَالْمَشَايخُ وَأَهْلُ الدِّيوَانِ، وَكُلُّ مَن كَانَ مَتْبُوعًا فَإِنَّهُ مِن أُولي الْأَمْرِ، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِن هَؤُلَاءِ أَنْ يَأْمُرَ بِمَا أَمَرَ اللهُ بِهِ، وَينْهَى عَمَّا نَهَى عَنْهُ، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِمَن عَلَيْهِ طَاعَتُهُ أَنْ يُطِيعَهُ فِي طَاعَةِ اللهِ، وَلَا يُطِيعُهُ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ. [٢٨/ ١٧٠]

٣٣٤٠ - ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحِ" (٢) عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "إن أَوَّلَ ثَلَاَثةٍ تُسْجَرُ بِهِم جَهَنَّمُ: رَجُل تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ وَأقرَأهُ لِيَقُولَ النَّاسُ: هُوَ عَالِمٌ وَقَارِئٌ؛ وَرَجُلٌ قَاتَلَ وَجَاهَدَ لِيَقُولَ النَّاسُ: هُوَ شُجَاعٌ وَجَرِئٌ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ


(١) لم يذكر القسم الثالث.
(٢) رواه مسلم (١٩٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>